«الذين» صفة للمؤمنين ، أو مبتدأ ، خبره (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) (١) ، أو هو منصوب على المدح ، «استجابوا» بمعنى : أجابوا ـ كما سبق ـ ، (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ) بطاعة الرسول ، (وَاتَّقَوْا) مخالفته ، (أَجْرٌ عَظِيمٌ) ثواب جزيل لا يعلم كنهه إلا الله.
قوله : (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ) وهم الركب العبقسيون (٢) على قول الأكثرين ، أو نعيم (٣) على القول الآخر ، وعبر عنه بصيغة الجمع لأنه من الجنس ، كما تقول : فلان يركب الخيل ، وإن لم يكن له إلا فرس واحد ، ولأنه حين قال ذلك لم يخل من ناس يضامونه في هذا القول.
(فَزادَهُمْ إِيماناً) أي : زادهم قول الناس إيمانا وتصديقا ، وثباتا على دينهم وطاعة نبيهم.
وهذه الآية من جملة الهوادم لمذهب المانعين من القول بزيادة الإيمان ونقصانه ، ولأنه لا يخلو إما أن يكون الإيمان يزيد عن التصديق فقط ، أو عن التصديق مع انضمام الطاعة إليه ، وأيّا ما كان فهو يقبل الزيادة والنقصان ، ولا إشكال في الثاني ، أما الأول ، فكل عاقل يجد في نفسه زيادة التصديق بتناصر الحجج ، وتعاضد البراهين ، لا سيما القلوب الصافية من الكدر ، إذا تليت عليها آيات الكتاب العزيز ، فإنه يتجدد لها إيمان وإيقان ، لو وزن بالجبال الشوامخ لربا عليها ، وإلى هذا القسم أشار النبي صلىاللهعليهوسلم بقوله في حديث الشفاعة ، قال : «فيقال : انطلق فأخرج من النار من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان ... ـ إلى أن قال : ـ مثقال ذرة أو خردلة من
__________________
(١) انظر : التبيان (١ / ١٥٨) ، والدر المصون (٢ / ٢٦٠).
(٢) يعني : الركب الذين من عبد قيس ، الماضية قصتهم.
(٣) يعني : نعيم بن مسعود.