نسرح في الجنة حيث شئنا ، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات ، فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا ، قالوا : يا رب! نريد أن تردّ أرواحنا في أجسادنا ، حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى ، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا» (١).
وأخرج الترمذي من حديث جابر بن عبد الله ، قال : «لقيني رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لي : يا جابر ؛ ما لي أراك منكسرا؟ قلت : يا رسول الله ، استشهد أبي ، وترك عيالا ودينا. قال : أفلا أبشّرك بما لقي الله به أباك؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : ما كلّم الله أحدا قطّ إلّا من وراء حجاب ، وأحيا أباك فكلّمه كفاحا (٢) وقال : يا عبدي تمنّ عليّ ، أعطك ، قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية ، قال الرّبّ تبارك وتعالى : إنّه قد سبق منّي أنّهم [إليها] (٣) لا يرجعون. قال : أنزلت فيه هذه الآية : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً ..). الآية» (٤). قال الترمذي : هذا حديث حسن.
وروى ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، قال : «لمّا أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ، ترد أنهار الجنّة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلّقة في ظلّ العرش ، فلمّا وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم ، قالوا : من يبلّغ إخواننا عنّا أنّنا في الجنّة نرزق ؛ لئلا يزهدوا في الجهاد ، فقال الله عزوجل : أنا أبلّغهم عنكم ، فأنزل الله هذه الآية» (٥).
__________________
(١) أخرجه مسلم (٣ / ١٥٠٢ ح ١٨٨٧).
(٢) كفاحا : أي : مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول (اللسان ، مادة : كفح).
(٣) زيادة من الترمذي (٥ / ٢٣٠).
(٤) أخرجه الترمذي (٥ / ٢٣٠ ح ٣٠١٠).
(٥) أخرجه أبو داود (٣ / ١٥ ح ٢٥٢٠) ، وأحمد (١ / ٢٦٥ ح ٢٣٨٨).