(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً) علامة ، أعرف بها وجود الحمل. سأل العلامة على وجود ما أمّله ورامه ، ليتلقى النعمة بالشكر ، ويتعجل السرور ، (قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) ، يريد : بلياليها ، لقوله تعالى في موضع آخر : (ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا) [مريم : ١١].
(إِلَّا رَمْزاً) استثناء منقطع أو متصل. حسن استثناؤه من الكلام لنيابته منابه في الإفهام. والرّمز : الإشارة ، وأكثر ما يستعمل في الشفتين.
قال ابن عباس : جعل يكلّم الناس بيده (١) ، وإنما عقل لسانه عن مخاطبة الناس ، ولم يعقل عن ذكر الله.
قال الإمام أبو الفرج ابن الجوزيّ ، رضي الله عنه (٢) : جمهور العلماء على أنه إنما اعتقل لسانه آية على وجود الحمل (٣).
وقال قتادة والربيع بن أنس : كان ذلك عقوبة له إذ سأل الآية والأمارة بعد مشافهة الملائكة له بالبشارة (٤).
قال الثعلبي (٥) : قول قتادة قول أكثر المفسّرين.
__________________
(١) أخرجه الطبري (٣ / ٢٦١). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٩٢) وعزاه لابن جرير.
(٢) زاد المسير (١ / ٣٨٦).
(٣) في تفسير مجاهد (ص : ١٢٦ ـ ١٢٧) عن عطاء بن السائب قال : اعتقل لسانه من غير مرض.
(٤) أخرجه الطبري (٣ / ٢٦٠) ، وابن أبي حاتم (٢ / ٦٤٥). وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢ / ١٩٢) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٥) تفسير الثعلبي (٣ / ٦٦). والثعلبي هو : أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري ، أبو إسحاق الثعلبي ، صاحب التفسير ، كان أوحد زمانه في علم القرآن. توفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة (طبقات المفسّرين للداوودي ١ / ٦٦ ، وسير أعلام النبلاء ١٧ / ٤٣٥).