قال يحيى : يقول : يئس أن يفرج ذلك عنه لأنه ليست له نيّة ولا حسبة ولا رجاء.
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (٨٤)
سعيد عن قتادة قال : على ناحيته وما ينوي (١) ؛ أي المؤمن على إيمانه والكافر على كفره.
(فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ / بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً) (٨٤) أي فهو يعلم أن المؤمن أهدى سبيلا من الكافر.
قوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ) (٨٥)
يحيى عن صاحب له عن الأعمش عن مجاهد أن ناسا من اليهود لقوا نبي الله وهو على بغلته ، فسألوه عن الروح فأنزل الله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (٨٥).
وفي تفسير الكلبي أن المشركين بعثوا رسلا إلى المدينة فقالوا لهم : سلوا اليهود عن محمد وصفوا لهم نعته وقوله ثم اتونا فأخبرونا. فانطلقوا حتى قدموا المدينة فوجدوا بها علماء اليهود من كل أرض قد اجتمعوا فيها لعيد لهم ، فسألوهم عن محمد ونعتوا لهم نعته ، فقال لهم حبر من أحبار اليهود : إن هذا لنعت النّبيّ الذي نتحدث أن الله باعثه في هذه الأرض.
فقالت لهم رسل قريش : إنه فقير ، عائل ، يتيم ، لم يتبعه من قومه من أهل الرأي أحد ولا من ذوي الأسنان. فضحك الحبر وقال كذلك نجده.
قالت لهم رسل قريش : فإنه يقول قولا عظيما ، يدعو إلى الرحمن [ويقول إنّ](٢) الذي باليمامة الساحر الكذاب ، يعنون مسيلمة. فقالت لهم اليهود : اذهبوا فسلوا صاحبكم عن خلال ثلاث ، فان الذي باليمامة قد عجز عنهن. فأما اثنتان من الثلاث فإنّه لا يعلمهما (٣) إلّا نبي فان أخبركم بهما فقد صدق. وأما الثالثة فلا يجترئ عليها أحد.
فقالت لهم رسل قريش : أخبرونا بهنّ. فقالت لهم اليهود : سلوه عن أصحاب الكهف والرقيم ، فقصّوا عليهم قصتهم. وسلوه عن ذي القرنين ، وحدّثوهم بأمره. وسلوه عن الروح ، فان أخبركم فيه بشيء فهو كاذب.
__________________
(١) الطبري ، ١٥ / ١٥٤.
(٢) إضافة من ابن محكّم ٢ / ٤٣٩.
(٣) في ع : يعلمها. الإصلاح من ابن ابي زمنين ، ورقة : ١٨٩.