قوله تعالى : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (٤) سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر : ٤ ـ ٥].
قيل الأصل في (تَنَزَّلُ) : تتنزّل ، فحذفت (التّاء) الثانية استقالا لاجتماع التاءين ، وكانت الثانية أولى بالحذف ؛ لأن الأولى دخلت لتدلّ على الاستقبال (١) ، وقيل : تنزّل الملائكة بكل أمر في ليلة القدر [إلى السماء الدنيا](٢). حتى يعلمه أهل الدنيا ، وحتى يتصور العباد تنزّل أمر الله تعالى إليها ، فتنصرف آمالهم إلى ما يكون منها [فيقوي رجاؤهم](٣) بما يتجدد من تفضل الله تعالى فيها (٤).
والرّوح : جبريل عليهالسلام ، وقيل : مالك عظيم تقوم الملائكة يوم [١١٩ / ظ] القيامة صفا ، ويقوم وحده صفا (٥).
وقيل (السّلام) في ليلة القدر سلام الملائكة بعضهم على بعض ، وقيل : نزولهم بالسّلامة والخير والبركة ، وقيل : سلام هي من الشّر ، وهو قول قتادة (٦).
وقرأ الكسائي مطلع بكسر اللام ، وفتح الباقون (٧).
فمن كسر جعله للوقت ، وأكثر ما يأتي ما كان على (فعل يفعل) نحو : المقتل والمنظر والمدخل والمخرج ، إلا أنه قد شذّت أحرف فجاء الزمان والمكان فيها على (مفعل) وهي :
المطلع والمشرق والمغرب والمنبت والمجزر والمسكن والمسجد (٨) ، وحكى الفراء (٩) : طلعت الشّمس مطلعا على المصدر ، فعلى هذا تستوي القراءتان ، وكأنه اجتزأ بالاسم عن المصدر ، كما قالوا : أعطيته عطاء وأكرمته كرامة ، فأمّا قوله : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ
__________________
(١) نبه لهذا سيبويه في الكتاب : ٢ / ٤٢٥ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٧٤٤.
(٢) بياض في الأصل ، والزيادة من مجمع البيان : ١٠ / ٤٠٩.
(٣) بياض في الأصل ، والزيادة من التبيان في تفسير القرآن : ١٠ / ٣٨٦.
(٤) النكت والعيون : ٦ / ٣١٤ ، ومعالم التنزيل : ٨ / ٤٩١.
(٥) بحر العلوم : ٣ / ٤٩٧ ، والنكت والعيون : ٦ / ٣١٣.
(٦) معاني الأخفش : ٢ / ٥٤٢ ، وبحر العلوم : ٣ / ٤٩٧.
(٧) معاني القراءات : ٣ / ١٥٥ ، والعنوان : ٢١١.
(٨) ينظر الكتاب : ٢ / ٢٤٨ ، ومعاني الأخفش : ٢ / ٥٤٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٣٤٨ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٤٥ ـ ٧٤٦.
(٩) في معانيه : ٣ / ٢٨١.