قوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) [البلد : ١١ ـ ١٥].
الاقتحام : الدّخول على مشقة (١) ، والعقبة : الطريقة الصّعبة المرتقى (٢) ، والفكّ :
التفرقة ، يقال : فككته أي : فرقته ، نحو : فكّ القيد والغلّ (٣) ، ومعنى (فَكُّ رَقَبَةٍ) أي : فرق بينها وبين الرّق ، والمسغبة : المجاعة (٤) ، والمقربة : القربى (٥) ، والمتربة : الفقر ، من قولهم : تربت يداه (٦).
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي فَك رَقَبَة أَوْ اطْعم على الفعل الماضي ، وقرأ الباقون (فَكُّ رَقَبَةٍ (١٢) أَوْ إِطْعامٌ) ردّ الفعل على الفعل (٧) ، فالمعنى على القراءة الأولى :
فلا اقتحم العقبة فكّ رقبة أو أطعم ، والمعنى على القراءة الثانية : وما أدراك ما العقبة؟ أي :
هي فكّ رقبة ، جعله جواب لقوله : (وَما أَدْراكَ)(٨). ونصب (يَتِيماً) ب : (إِطْعامٌ ،) كما تقول : أعجبني ضرب زيد عمرا ؛ لأنه مصدر ، والمصدر يعمل عمل فعله ، والفاعل محذوف ، قيل تقديره : أو إطعام أنت ، وقيل تقديره : أو إطعام إنسان (٩).
ومن سورة الشّمس
قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [الشمس : ٥ ـ ١٠].
اختلف في (ما) هاهنا :
__________________
(١) ينظر الصحاح : ٥ / ٢٠٠٦ (قحم).
(٢) ينظر المصدر نفسه : ١ / ١٨٥ (عقب).
(٣) ينظر الصحاح : ٤ / ١٦٠٣ (فكك).
(٤) ينظر المصدر نفسه : ١ / ١٤٧ (سبغ).
(٥) المصدر السابق : ١ / ١٩٩ ـ ٢٠٠ (قرب).
(٦) المصدر السابق : ١ / ٩١ (ترب).
(٧) السبعة : ٦٨٦ ، والمبسوط : ٤٧٣.
(٨) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٥١ ، ومعاني القراءات : ٣ / ١٤٧ ، والحجة لأبي علي الفارسي : ٦ / ٤١٤.
(٩) ينظر الكتاب : ١ / ٩٧ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ١ / ٣١٩ ، والمقتضب : ١ / ١٤ ، والأصول : ١ / ١٣٨ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٠٧ ـ ٧٠٩.