ومن سورة الأعلى
قوله تعالى : (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) [الأعلى : ٤ ـ ٥].
الغثاء : ما حمله السّيل ، وهو الهشيم اليابس (١).
والأحوى : الأسود (٢) ، وفي تقدير (أَحْوى) قولان :
أحدهما : أنه على التقديم والتأخير ، والمعنى : فجعله أحوى غثاء ، أي : أسود ، والعرب تكني عن الأخضر بالأسود والأدهم ، قال الله تعالى في صفة الجنتين : (مُدْهامَّتانِ) [الرحمن : ٦٤] ، أي : خضراوان من الرّيّ ، و (أَحْوى) على هذا حال من (الهاء) في (جعله) (٣).
والثاني : [١١٦ / و] أن يكون غير مقدّم ، ويكون التّقدير : فجعله غثاء أسود (٤) ، و (أَحْوى) على هذا المذهب نعت ل (غُثاءً)(٥).
قوله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (٦) إِلَّا ما شاءَ اللهُ) [الأعلى : ٦ ـ ٧].
قال الحسن : المعنى : فلا تنس إلا ما شاء الله أن تنساه ، برفع حكمه وتلاوته ، وهو قول قتادة ، وقيل : إلا ما شاء الله كالاستثناء في الإيمان وإن لم يقع مشيئة إلا النسيان منه ، وقيل : إلا ما شاء الله نسيانه ممّا لا يكلفك القيام بأدائه ، وذلك أن التكليف مضمّن بالذكر (٦).
وقوله : (فَلا تَنْسى) خبر على تقدير : سنقرئك فليس تنسى (٧) ، وقيل (٨) : هو نهي ، و (تَنْسى) بمعنى تترك وتثبت فيه الألف ، وهو مجزوم. كما قال الشاعر :
__________________
(١) الصحاح : ٦ / ٣٤٤٣ (غثا) ، واللسان : ١٢ / ٦١١ (هشم).
(٢) اللسان : ١٤ / ٢٠٦ (حوى).
(٣) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٤١.
(٤) مجمع البيان : ١٠ / ٣٢٨.
(٥) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٦٨٠ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨١٣.
(٦) ينظر جامع البيان : ٣٠ / ١٩٣ ، وبحر العلوم : ٣ / ٤٧٠.
(٧) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٦٨٠ ، وكتاب الشعر : ١ / ٢٠٦ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨١٣.
(٨) هذا قول السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه : ٢ / ١٢٠ ، ولكن علله بزيادة الألف لإطلاق الفتحة (إذا كانت رأس آية كما تزاد في القوافي).