فمن شدد جعل (لَمَّا) بمعنى (إلا) حكى سيبويه (١) : نشدتك الله لمّا فعلت ، في معنى : إلا فعلت ، و (حافِظٌ) خبر (إِنْ ،) وقيل الأصل : (لمن ما) فأدغمت النّون في الميم.
ومن خفف ف (ما) بعده عنده صلة ، و (اللام) جواب القسم ، والمعنى : لعليها حافظ (٢).
وقال بعضهم (٣) : (اللام) بمعنى (إلا) و (إن) بمعنى (ما) ، والمعنى : ما كل نفس إلا عليها حافظ.
وأنكر الكسائي (٤) تشديد الميم ، وهو جائز عند البصريين (٥).
قوله تعالى : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٦ ـ ٩].
قال الفراء (٦) : دافق : بمعنى مدفوق ، كما قال : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة : ٢١] ، قال الفراء : وأهل الحجاز لذلك أفعل من غيرهم ، يعني : وضع الفاعل في معنى المفعول.
والتّرائب : موضع القلادة من المرأة ، هذا قول ابن عباس (٧) ، وكذلك هو في اللغة ، واحدها (تريبة) قال الشاعر :
كالزّعفران على ترائبها |
|
شرقا به اللّبّات والصّدر (٨) |
__________________
(١) الكتاب : ١ / ٤٥٥ ـ ٤٥٦.
(٢) هذا قول سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٨٣ ، وأبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٩٤ ، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٥٤٢ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٦٧٣.
(٣) هذا قول الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٢٥٤.
(٤) يقول الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٢٥٤ : (الكسائي كان يخففها ، ولا نعرف جهة التثقيل).
(٥) الكتاب : ١ / ٤٥٥ ، وحروف المعاني للزجاجي : ١١ ، والبغداديات : ٣٨٢ ، وحروف المعاني للرماني : ١٣٣ ، ومعالم التنزيل : ٨ / ٣٩٣.
(٦) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٥٥ ، ووافقه الطبري في جامع البيان : ٣٠ / ٧٦ ، وردة النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٦٧٣.
(٧) ينظر تفسير ابن عباس : ٥٢٧.
(٨) البيت للمخبل كما في اللسان : ١٠ / ١٧٧ (شرق) ، وتاج العروس : ٦ / ٣٩٤. وفيها : (والزعفران) بدلا من :
(كالزعفران).