وقيل في قوله : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) أقوال :
أحدها : أن المعنى : لتركبنّ منزلة عن منزلة ، وطبقا عن طبق ، وذلك أن من كان على صلاح دعاه إلى صلاح قومه ، ومن كان على فساد دعاه إلى فساد قومه ، إنّ كل شيء يصير إلى شكله (١). والثاني : أنّ المعنى : جزاء عن عمل.
والثالث : لتصيرن من الدنيا إلى الآخرة.
والرابع : لتركبن حالا عن حال من إحياء وإماتة (٢).
قال الفراء (٣) : وقد فسر : لتصيرن الأمور حالا بعد حال ، لشدة هول يوم القيامة ، قال : والعرب تقول : (وقع في بنات طبق) ، وإذا وقع في أمر شديد (٤).
و (عَنْ) بمعنى (بعد) (٥) ، كما قال : (عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ) [المؤمنون : ٤٠] ، أي : بعد قليل ، قال الشاعر (٦) :
قرّبا مربط النّعامة منّي |
|
لقحت حرب وائل عن حيال |
أي : بعد حيال.
ومن سورة البروج
قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ (١) وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ (٣) قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ (٤) النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ) [البروج : ١ ـ ٤].
البروج : المنازل العالية ، واحدها : برج ، وهي هاهنا منازل الشمس والقمر الثمانية والعشرين ، تقطع الشمس كل برج منها في شهر ، ويقطعه القمر في يومين وثلث ، فيكون مسيرة فيها ثمانية وعشرين يوما ، ويستسر ليلة أو ليلتين (٧).
__________________
(١) ينظر مجاز القرآن : ٢ / ٢٩٢.
(٢) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٣٠٥ ، وينظر الأقوال الباقية في : بحر العلوم : ٣ / ٤٦١ ، والنكت والعيون : ٦ / ٢٣٨.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٥٢.
(٤) اللسان : ١٠ / ٢١١ (طبق).
(٥) كشف المشكلات : ٢ / ٤١٣.
(٦) هو الحارث بن عبادة ، كما في الأصمعيات : ٧٠ ، وهو من شواهد المبرد في الكامل : ٢ / ٧٧٦ ، وابن جني في المنصف : ٣ / ٥٩.
(٧) ينظر جامع البيان : ٣٠ / ١٦٠ ، والصحاح : ١ / ٢٩٩ (برح).