والثاني : أن يكون (تَسْنِيمٍ) مصدرا ، فيجري مجرى قوله : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) [البلد : ١٤] ، فيكون مفعولا به (١).
والثالث : أنه على المدح ، أي : أعني عينا (٢).
والرابع : أنّ المعنى : يسقون عينا (٣).
وأجاز الفراء (٤) : أن يكون على تقدير : سنم عينا ، أي : رفع عينا ، وهذا أيضا يكون على الحال فهذه خمسة أوجه. [١١٣ / ظ]
ومن سورة انشقت (٥)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) [الانشقاق : ٦]
الكدح : السّعي ، يقال : كدح في أمره يكدح كدحا (٦).
ويسأل عن (الهاء) في قوله : (فَمُلاقِيهِ؟)
وفيها جوابان (٧) :
أحدهما : أنّ المعنى : فملاقي ربك.
والثاني : أنّ المعنى : فملاقي كدحك ، أي : عملك وسعيك.
قوله تعالى : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ (١٩) فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [الانشقاق : ٢٠]
قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي : لَتَرْكَبنَّ بفتح (الباء) على معنى : لتركبنّ يا محمد ، وقرأ الباقون : (لَتَرْكَبُنَ) بالضم ، على تقدير : تركبنّ أيها النّاس (٨) ، والأصل : لتركبون ، فدخلت النّون الثقيلة للتوكيد ، فسقطت نون الإعراب ؛ لأنهما لا يجتمعان ، فصار : لتركبون ، فالتقى ساكنان (الواو) و (أول المشدد) فحذفت (الواو) لالتقاء الساكنين ، وتركت الضمة (٩).
__________________
(١) جوز هذا الوجه الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٢٤٩.
(٢) جوز هذا الوجه الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٥٣٢.
(٣) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٥٣٢.
(٤) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٤٩.
(٥) وهي سورة الانشقاق.
(٦) ينظر العين : ٣ / ٥٩ ـ ٦٠ (كدح).
(٧) ذكرهما الطبري في جامع البيان : ٣٠ / ١٤٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٣٤ وزاد المسير : ٨ / ٤٠٩.
(٨) ينظر السبعة : ٦٧٧ ، والحجة في القراءات السبع : ٣٦٧ ، ومعاني القراءات : ٣ / ١٣٤ ـ ١٣٥.
(٩) نبه لهذا النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٦٦٥ ، وينظر اللمع : ٢٧٥.