وأجاز الرّماني أن يكون معطوفا على موضع (لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً) [الإنسان : ١٣](١).
قوله تعالى : (وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا) [الإنسان : ١٥ ـ ١٦]
الأكواب : جمع كوب ، والكوب : إبريق له عروة واحدة (٢) ، قيل : هو من فضة إلا أنه صفاء القوارير لا يمنع الرؤية (٣).
واختلف القراء في قوله : (قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا ،) نوّنهما جميعا أهل المدينة ، ونوّن أبو عمرو الأول ، والباقون قرأوا بلا تنوين (٤) ، وهو الأصل ؛ لأنّه لا ينصرف ، فأمّا من نوّن فقد عللت قراءته بأشياء (٥) : منها : أنه وقع في المصحف بألف فتوهم أنها ألف التنوين فنون.
ومنها : أنها لغة لبعض العرب ، ذكر الكسائي (٦) أنّه سمع من العرب من يصرف جميع مالا ينصرف إلا (أفضل منك).
ومنها : أن هذا الجمع إنما امتنع من الصرف ؛ لأنه لا نظير له في الآحاد ، وأنّه غاية الجموع ، وأنه لا يجمع ، ثم إن العرب قد تجمعه ، حكى الأخفش (٧) : هن مواليات فلان ، جمع موالي ، وموالي جمع مولاة ، وفي الحديث : (أنتنّ صواحبات يوسف) (٨) ، جمع صواحب ، وصواحب جمع صاحبة ، وقال الفرزدق (٩) :
وإذا الرّجال رأوا يزيد رأيتهم |
|
خضع الرّقاب نواكسي الأبصار |
يريد : نواكسين ، وهو جمع نواكس ، ونواكس جمع ناكس ، فلمّا جمع هذا الجمع أشبه الواحد ، فنون كما ينون الواحد.
__________________
(١) نقل هذا الوجه مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٨٥ من غير أن ينسبه إلى أحد.
(٢) ينظر العين : ٥ / ٤١٧ (كوب).
(٣) النكت والعيون : ٦ / ١٧٠.
(٤) ينظر السبعة : ٦٦٣ ـ ٦٦٤ ، والحجة لابن خالويه : ٣٥٨ ، ومعاني القراءات : ٣ / ١٠٨.
(٥) ذكرها الفارسي في الحجة : ٦ / ٣٤٨ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٨٣.
(٦) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٥٧٨.
(٧) معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٣٢٨ ـ ٣٢٩.
(٨) نصّه في سنن النسائي : ٢ / ٩٩ (إنكن لأنتن صواحبات يوسف).
(٩) ديوانه : ١ / ٣٠٤ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ٢ / ٢٠٧.