القسم ومعها النّون (١) ، إلا أن بعضهم أجاز حذفها كما حذفت (اللّام) وتركت النّون ، قال الشاعر (٢) :
وقتيل مرّة أثارنّ فإنّه |
|
فرغ وإنّ أخاكم لم يثأر |
يريد : لا ثارنّ ، فحذف اللام.
والقول على قوله : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد : ١] كالقول على (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ).
قوله تعالى : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ) [القيامة : ٤].
يسأل عن نصب (قادِرِينَ؟)
والجواب : أنه نصب على الحال (٣) ، والعامل فيه أحد شيئين :
إما نجمعها قادرين (٤) ، وإما على تقدير : بلى نقدر قادرين ، إلا أنه لم يظهر (نقدر) استغناء عنه ب : (قادِرِينَ ،) وهو كقولك : قاعدا وقد سار الركب ، أي : تقعد وقد ساروا (٥).
قوله تعالى : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) [القيامة : ١٤].
يسأل عن (الهاء) في (بَصِيرَةٌ؟)
وفيها ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّ المعنى : بل الإنسان على نفسه عين بصيرة.
والثاني : أنّ المعنى : بل الإنسان على نفسه حجة بصيرة ، أي : بينة (٦).
والثالث : أنّها للمبالغة ، كما نقول : رجل علامّة ونسّابة (٧).
__________________
(١) وضح هذا الزجاجي في حروف المعاني : ٨ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧٦.
(٢) هو : عامر بن الطفيل ، كما في شرح المفضليات : ٣٦٤ ، والأصمعيات : ٢١٦.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٠٨ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧٧.
(٤) هذا رأي سيبويه في الكتاب : ١ / ١٧٣ ، ووافقه الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٥١٧ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٩٦.
(٥) ذكر هذا الرأي مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧٧ وفنّده.
(٦) معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٥١٧.
(٧) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٧٧ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٥٥٧.