والرابع : أنّه على تقدير : جعلها نذيرا للبشر (١).
والخامس : أنّه مصدر ، أي : إنذارا للبشر ؛ لأنّه لمّا قال : (إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) دلّ على أنّه أنذرهم بها إنذارا (٢).
والسادس : أنّه حال من المضمر في (قُمْ) [المدثر : ٢] في أول السورة ، كأنّه قال : يا أيّها المدثّر قم نذيرا للبشر ، فأنذر ، ونذير على هذا الوجه بمعنى المنذر ، وهو قول الكسائي (٣).
ومن سورة القيامة
قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (١) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة : ١ ـ ٢].
يسأل عن دخول (لا) هاهنا؟ وفيها ثلاثة أجوبة (٤) :
أحدها [١٠٩ / و] : أنّها صلة (٥) ، نحو قوله تعالى : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) [الحديد : ٢٩] ، والمعنى : ليعلم.
والثاني : أنها بمعنى (ألا) التي يستفتح بها الكلام ، كأنه قال : ألا أقسم بيوم القيامة ، ثم أخبر أنه لا يقسم بالنفس اللوامة.
والثالث : أنّه جواب لما تكرر في القرآن من إنكارهم البعث ؛ لأنّ القرآن كلّه كالسورة الواحدة ، وهو قول الفراء (٦) ، واختيار أبي علي (٧).
وقرأ قنبل : «لأقسم» (٨) بجعلها جواب القسم ، قالوا : وحذف النّون ؛ لأنّه أراد الحال ، ولو لا ذلك لقال : (لأقسمن) (٩) ، والنّون لا تدخل في فعل الحال ، وأكثر ما يستعمل اللام في
__________________
(١) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٥٤٧ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧٤.
(٢) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٩٤.
(٣) روى هذا القول عنه الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٣٠٥ ، وفنده ، أما الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٩٤ فجوزه.
(٤) فصل القول فيها النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣.
(٥) قال بزيارتها أبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٧٧ ، وينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٥٥٢ ، وكشف المشكلات : ٢ / ٣٩٤.
(٦) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٠٧.
(٧) نسب له هذا القول ابن عطية في المحرر الوجيز : ٥ / ٤٠١.
(٨) السبعة : ٦٦١ ، والإقناع : ٢ / ٧٩٨.
(٩) كشف المشكلات : ٢ / ٣٩٤.