فقيل فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنّه (واو) والأصل : عزوة ؛ لأنّه من : عزوته ، أي : نسبته ، والعزة منتسبة إلى غيرها من الجماعات (١).
والثاني : أن المحذوف (ياء) وهي من : عزيت ؛ لأنه يقال : عزوت وعزيت بمعنى واحد (٢).
والثالث : أن المحذوف (هاء) والأصل : عزهة ، وهو من : العزهاة ، وهو المنقبض [١٠٧ / و] عن النساء المجتمع عن اللهو معهن (٣) ، قال الأحوص (٤) :
إذا كنت عرهاة عن اللهو والصّبا |
|
فكن حجرا من يابس الصّخر جلمدا |
وهذا الجمع في الأسماء المحذوفة عوض من الحرف المحذوف ، ومن هذا الباب : ثبون وعضون وسنون كل هذا محذوف اللام ، وهذا الجمع له عوض من المحذوف (٥).
ومن سورة نوح عليهالسلام
قوله تعالى : (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) [نوح : ٤].
يسأل عن (مِنْ) هاهنا؟
وفيها وجهان :
أحدهما : أنها بمعنى (عن) أي : يصفح لكم عن ذنوبكم (٦).
والثاني : أن المعنى : يغفر لكم ذنوبكم السالفة ، وهي بعض الذنوب التي يصار إليهم ، فلما كانت ذنوبهم التي يستأنفونها لا يجوز الوعد بغفرانها على الإطلاق ؛ إذ يجري ذلك مجرى الإباحة لها ، فقيدت بهذا التقييد (٧).
__________________
(١) المفردات في غريب القرآن : ٣٣٤.
(٢) ينظر الصحاح : ٦ / ٢٤٢٥ (عزا).
(٣) مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٥٩.
(٤) هو : الأحوص بن محمد بن عبد الله بن أبي الأقلح. ينظر ترجمته في : الشعر والشعراء : ٣٥١. والبيت منسوب إليه في الحماسة البصرية : ١ / ١٢٧ ، وهو من شواهد ابن جني في الخصائص : ١ / ٢٣٠ بلا نسبة.
(٥) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٥٠٩ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٥٩.
(٦) هذا قول الفراء في معاني القرآن : ٣ / ١٨٧.
(٧) ينظر بحر العلوم : ٣ / ٤٠٦.