أقبل سيل جاء من أمر الله |
|
يحرد حرد الجنّة المغلّة |
في كلّ شهر دائم الأهلّة (١) |
وقيل : (عَلى حَرْدٍ) على جد من أمرهم ، وهو قول مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد ، وقال الحسن : على جهد من الفاقة ، وقال سفيان : على حنق (٢) ، قال الأشهب بن رميلة (٣) :
أسود شرى لاقت أسود خفيّة |
|
تساقوا على حرد دماء الأساود |
وقيل : (عَلى حَرْدٍ) على غضب (٤).
قال : فلما جاءوا إليها ليصرموها لم يروا شيئا إلا سوادا ، فقالوا : إنا لضالون ما هذا بما لنا الذي نعرف ، لي : ضللنا عن جنتنا ، وقيل : ضالون عن طريق الرشاد في إدراك جنتنا قال قتادة : أخطانا الطريق ، وقيل : ضالون عن الحق في أمرنا ، ولذلك عوقبنا بذهاب ثمرتنا ، ثم قال بعضهم : هو مالنا ، وحرمنا بما صنعنا بالأرامل والمساكين ، (قالَ أَوْسَطُهُمْ) [القلم : ٢٨] ، أي : أعدلهم طريقة ، وكانوا قد أقسموا ليصرمنّها في أول الصباح ، ولم يقولوا (إنّ شاء الله) فقال لهم أوسطهم ، وهو أخ لهم : ألم أقل لكم لو لا تسبحون ، أي : تستثنون ، والتسبيح هاهنا : الاستثناء ، وهو أن يقول : (إن شاء الله) (٥).
وموضع (الكاف) نصب ؛ لأنها نعت لمصدر محذوف ، والتّقدير : إنّا بلوناهم بلاء كما بلونا أصحاب الجنة.
من سورة الحاقة
قوله تعالى : (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ (٢) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (٣) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (٤) فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) [الحاقة : ١ ـ ٥].
__________________
(١) لم أقف على قائله ، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن : ٣ / ١٧٦ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٦٢ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٨ / ٧٢.
(٢) ينظر تفسير مجاهد : ٢ / ٦٨٩ ، وجامع البيان : ٢٩ / ٣٩ ـ ٤٠.
(٣) ينظر نسبه وأخباره في : الأغاني : ٩ / ٣٠٨ ، والمزهر : ٢ / ٣٨١.
(٤) جامع البيان : ٢٩ / ٤١.
(٥) ينظر جامع البيان : ٢٩ / ٤٣ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٩٤ ، ومعالم التنزيل : ٨ / ١٩٦.