فمن همز أخذ من أنبأ ، وهو (فعيل) بمعنى (مفعل) أي : منبئ ، والمنبئ : المخبر ؛ لأنه يخبر عن الله تعالى ، ويقال : سميع بمعنى مسمع ، قال عمرو بن معدي كرب :
أمن ريحانة الدّاعي السّميع |
|
يؤرّقني وأصحابي هجوع (١) |
يريد : المسمع.
وجمع (نبئ) بالهمز : نبآء ، قيل : كريم وكرماء (٢) ، قال عباس بن مرداس :
يا خاتم النّبآء إنّك مرسل |
|
بالحقّ كلّ هدى الإله هداكا (٣) |
ويقال : نبيّ بغير همز ، ويحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون من (أنبأ) إلا أنه خفف بترك الهمز ، كما قالوا : بريّة ورويّة ، وأصلها الهمز.
والوجه الثاني : أنه يحتمل أن يكون من (النّباوة) وهي المرتفع من الأرض ، فالارتفاع ذكره سمّي بذلك ، وجمعه على هذا : أنبياء ، بمنزلة : غني وأغنياء ، وترك الهمز أفصح (٤).
ويروى أن رجلا قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : يا نبيء الله بالهمز فقال : لست بنبيء الله ولكنني نبيّ الله ، فهذا يدل على ترك الهمز ، وكأنه كره التقعير. (٥)
قوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) [التحريم : ٤].
يقال : لم جمعت القلوب؟
وعن هذا أجوبة :
أحدها : أن التثنية جمع في المعنى ، فوضع الجمع موضع التثنية ، كما قال تعالى : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ) [الأنبياء : ٧٨] ، وإنما هو داود وسليمان (٦) عليهماالسلام.
__________________
(١) استشهد به الطبري في جامع البيان : ١ / ١٧٩ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٧ / ٣٥ ، والشوكاني في فتح القدير : ٢ / ١٤٧.
(٢) ينظر اللسان : ١٥ / ٣٠٢ (نبأ).
(٣) استشهد به سيبويه في الكتاب : ٢ / ١٢٦.
(٤) ينظر اللسان : ١٥ / ٣٠٢ (نبأ).
(٥) المفردات في غريب القرآن : ٤٨٢ ، والنهاية في غريب الحديث : ٥ / ٣.
(٦) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٦١.