لأنه لمّا قال : (إلا رواكد) ، دلّ على أن بها رواكد ، فحمل قوله : ومشجّج على المعنى.
والثالث : أن يكون منصوبا بإضمار (أعني) (١).
وأجاز الفراء (٢) : الرفع في (رَسُولاً ؛) لأن (ذِكْراً) رأس آية والإئتناف بعد الآيات حسن.
ومن سورة التّحريم
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التحريم : ١].
قال الفراء (٣) : نزلت في (مارية القبطية) ، كان النبي صلىاللهعليهوسلم يجعل لكل امرأة من نسائه يوما ، فلمّا كان يوم عائشة ـ رضي الله عنها ـ زارتها حفصة فخلا بيتها ، فبعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى مارية وكانت مع النبي صلىاللهعليهوسلم في بيت حفصة ، وجاءت حفصة إلى منزلها فإذا السّتر مرخي ، وخرج النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : أتكتمين عليّ؟ قالت : نعم ، قال : فإنها عليّ حرام ، يعني (مارية) وأخبرك أن أباك وأبا بكر سيملكان من بعدي ، فأخبرت حفصة [١٠٢ / ظ] عائشة الخبر ، ونزل الوحي على النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فقال : ما حملك على ما فعلت؟ قالت له : ومن أخبرك أني قلت ذلك لعائشة؟ قال : (قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) [التحريم : ٣] ، ثم طلّق حفصة تطليقة واحدة ، واعتزل نساءه تسعة وعشرين يوما ، ونزل عليه : (لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) من نكاح مارية ، ثم قال : (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) [التحريم : ٢] فكفّر النّبي صلىاللهعليهوسلم عن يمينه ، والتّحلّة : الكفارة (٤) ، فأعتق رقبة ، وعاد إلى مارية ، ثم قال : عرّف حفصة بعض الحديث ، وترك بعض الحديث ، وهذا الذي قال الفراء قول زيد بن أسلم ومسروق وقتادة والشعبي وعبد الرحمن بن زيد والضحاك (٥).
وفي (النّبي) لغتان (٦) : الهمز وترك الهمز
__________________
(١) مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٤١.
(٢) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٦٤ ، ووافقه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٤٥٧.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٦٥.
(٤) ينظر العين : ٣ / ٢٧ (حل).
(٥) جامع البيان : ٢٨ / ٢٠٠.
(٦) وضح اللغتين في كلمة (النبي) سيبويه في الكتاب : ٢ / ١٢٦.