ومن سورة التّغابن
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللهُ وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [التغابن : ٦].
قال علي بن عيسى : أنفوا من اتّباع بشر ؛ لأنّه من جنسهم (١) ، فهو كما قال في موضع آخر (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) [القمر : ٢٤] ، وكل متكبّر من العباد مذموم ؛ لأن كبره طريق إلى ترك تعلم ما ينبغي أن يتعلم ، والاتّباع لمن ينبغي أن يتبع.
ويقال : ما معنى (أَبَشَرٌ) هاهنا؟
والجواب : أنّ البشر والإنسان سواء ، وقيل : إنه مأخوذ من البشرة وهو ظاهر الجلد (٢).
وفي رفع (أَبَشَرٌ) وجهان :
أحدهما : أنه فاعل بإضمار فعل يدلّ عليه (يَهْدُونَنا ،) كأنّه قال : أيهدينا بشر يهدوننا ، وإنّما احتجت إلى إضمار فعل ؛ لأن الاستفهام بالفعل أولى.
والقول الثاني : أنه مبتدأ (يَهْدُونَنا) وخبره ، وهو قول أبي الحسن الأخفش (٣). [١٠٢ / و].
ومن سورة الطّلاق
قوله تعالى : (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً) [الطلاق : ٤].
المحيض : بمعنى الحيض ، والمحيض أيضا : موضع الحيض وزمانه (٤).
والارتياب : الشّك ، وجاء في التفسير في قوله : (إِنِ ارْتَبْتُمْ) أنّ المعنى : إذا لم تدروا
__________________
(١) ينظر بحر العلوم : ٣ / ٣٦٩.
(٢) النكت والعيون.
(٣) لم أقف عليه في معانيه ، وينظر المحرر الوجيز : ٥ / ٣١٨.
(٤) ينظر اللسان : ٧ / ١٤٢ (حيض).