اختلفوا في (الْكُفَّارُ) هاهنا :
فقيل : الكفار هاهنا يريد به : الذين يكفرون الموتى ، أي : يدفنونهم ؛ لأنهم إذا دفنوهم يئسوا منهم فكذلك هؤلاء الذين غضب الله عليهم قد يئسوا من البعث كما يئس هؤلاء الذين دفنوا الموتى منهم.
وقيل : الكفّار هاهنا يريد به : الكفّار بالله ، والمعنى : أنهم قد يئسوا من البعث كما يئس الكفار الذين هم في القبور من ثواب الله ورحمته ؛ لأنهم إذا صاروا إلى القبور عاينوا ما أعدّ الله لهم من العذاب ؛ لأنه جاء في الحديث أنه يفتح لهم أبواب من النار فيشاهدون مواضعهم فيها (١).
وقيل المعنى : كما يئس كفار العرب أن يحيى أهل القبور.
وقيل : هم أعداء المؤمنين من قريش ، قد يئسوا من خير الآخرة كما يئس كفار العرب من النشأة الثانية (٢).
ومن سورة الصف
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الصف : ١٠ ـ ١٢].
التجارة : طلب الرّبح في شراء السّلعة ، فاستعير هاهنا لطلب الربح في عمل الطاعة (٣).
الجهاد : مقاتلة العدو (٤).
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم جاز (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) فيما يقتضي الحمل على التجارة ، ولا يصلح : التجارة تؤمنون ، وإنما : التجارة أن تؤمنوا بالله؟
__________________
(١) ذكره السمرقندي في بحر العلوم : ٣ / ٢٥٦ ، ورواه عن مقاتل.
(٢) أورد هذه الأقوال جميعا الطبري في جامع البيان : ٢٨ / ١٠٣ ـ ١٠٥.
(٣) ينظر الصحاح : ٢ / ٦٠٠ (تجر)
(٤) ينظر العين : ٣ / ٣٨٦ (جهد)