قال الفراء (١) : حدثني حبّان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : أمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقطع النخل كله إلا (العجوة) وهو (البرني) في قول الفراء ، والمستعمل في الكلام أن (البرني) غير (العجوة) فيما يستعمله الآن أهل الحجاز ، وذكر ابن إسحاق : أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمر بقطع نخل بني قريظة والنضير إلا (العجوة) فقالوا : محمد يزعم أنه أرسل مصلحا وهو يقطع النخل وهذا إفساد (٢) ، فأنزل الله تعالى : (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللهِ) أي بأمر الله ، وجمع لينة : ليان.
قال امرؤ القيس (٣) :
أضرم فيها الغويّ السّعر
ويقال : لين ، بمنزلة : سدرة وسدر ، ويقال : لين ، مثل : سدرة وسدر ، وكسرة وكسر قال : ذو الرمة (٤) :
طراق الخوافي واقع فوق لينة |
|
ندا ليلة في ريشه يترقرق |
ويحتمل اشتقاق (لِينَةٍ) وجهين :
أحدهما : أن يكون من الّلين ، سميت بذلك للين ثمرتها (٥).
والثاني : أن يكون من اللون ، ف : (الياء) على هذا القول بدل من (واو) ؛ لأنه لون من التمر (٦).
قوله تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) [الحشر : ١٦].
جاء في التفسير أن الإنسان هاهنا : إنسان بعينه كان من الرهبان وقع في بلية فأغواه الشيطان بأن قال له : إن خلصتك أتسجد لي سجدة واحدة ، فأجابه إلى ذلك وسجد له
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٤٤.
(٢) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١١٦ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٤٣.
(٣) هذا عجز بيت ، صدره : (وسالفة كسحوق الّليان) ، وهو في شرح ديوانه : ١١٤ ، ومن شواهد النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٩٢.
(٤) في ديوانه : ٤٨٨ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٥٦ ، والماوردي في النكت والعيون : ٥ / ٥٠٢.
(٥) روى هذا القول النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٩٢.
(٦) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١١٦.