أحدهما : أنه صلة ل : (من) ، وهو قول الفراء (١) ، قال : ورأيتها في مصحف عبد الله (مَنْ ذَا الَّذِي) والنّون موصولة بالذّال.
والقول الثاني : أن المعنى من هذا الذي (٢) ، و (مَنْ) في موضع رفع بالابتداء ، و (الَّذِي) خبره على القول الأول (٣) ، وعلى القول الثاني يكون (ذَا) مبتدأ و (الَّذِي) خبره والجملة خبر (مَنْ).
قوله تعالى : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ) [٩٨ / ظ] (عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) [الحديد : ٢١] ،
العرض : انبساط الشيء في الجهة المقابلة لجهة الطول ، وضد العرض الطول ، وإذا اختلف مقدار العرض والطول فمقدار الطول أعظم (٤).
ويقال : لم ذكر العرض دون الطول؟
الجواب : أن العرض أقل من الطول ، وإذا كان العرض كعرض السماء والأرض كان الطول في النهاية التي لا يحيط بها إلا الله تعالى (٥) ، وقد قال في آية أخرى : (عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [آل عمران : ١٣٣] ، والمعنى : كعرض السموات ، فحذف (الكاف) ؛ لأن المعنى مفهوم ، والدليل على أن (الكاف) مرادة وجودها في قوله : (كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ).
قوله تعالى : (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) [الحديد : ٢٧].
الرّهبانية : أصلها من الرّهبة ، وهو الخوف (٦) ، إلا أنها عبادة مختصة بالنصارى لقول النبي صلىاللهعليهوسلم : (لا رهبانيّة في الإسلام) (٧).
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٣٢.
(٢) ينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٣٣.
(٣) نبه لهذا النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٥٤.
(٤) ينظر الصحاح : ٣ / ١٠٨٣ (عرض).
(٥) ينظر بحر العلوم : ٣ / ٣٢٨ ، والنكت والعيون : ٥ / ٤٨١.
(٦) اللسان : ١ / ٤٣٧ (رهب).
(٧) ورد في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير : ٢ / ٢٨٠.