ومن سورة الحديد
قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) [الحديد : ١١]
القرض : أخذ الشيء من ماله بإذن مالكه على أنه يضمن رده له (١).
والمضاعفة : الزيادة على مقدار مثله أو أمثاله (٢) ، وقد وعد الله سبحانه على الحسنة عشر أمثالها ، قال الحسن : القرض هنا : التطوع من جميع الدين (٣).
وقرأ ابن كثير فيضعفه بغير ألف مشددا و (الفاء) مضمومة ، وقرأ مثله ابن عامر إلا أنه فتح (الفاء) ، وقرأه الباقون فَيُضعفهُ بألف وضم ، إلا عاصما فإنه فتح (٤).
فالضم على القطع ، أي : فهو يضاعفه له (٥) ، كما قال (٦) :
ألم تسأل الرّبع القواء فينطق |
|
وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق |
وقال الفراء (٧) : هو معطوف على (يقرض) وليست بجواب ، كقولك : من ذا الذي يحسن ويجمل؟ ومن نصب فبإضمار (أن) (٨) ، كأنه قال : فإن يضاعفه له ، وقال الفراء (٩) : هو جواب الاستفهام ، ومنع ذلك البصريون (١٠) ، لأن الاستفهام لم يتناول القرض وإنما يتناول المقرض (١١) ، وأجازه بعضهم (١٢) ؛ لأن المعنى يؤول إلى القرض ؛ لأن الاستفهام عن المقرض استفهام عن قرضه وقيل في : (مَنْ ذَا) قولان :
__________________
(١) الصحاح : ٣ / ١١٠١ (قرض).
(٢) ينظر الصحاح : ٤ / ١٣٩٠ (ضعف).
(٣) جامع البيان : ٢٧ / ٢٨٩ ، والنكت والعيون : ٥ / ٤٧٢.
(٤) ينظر السبعة : ٦٢٥ ، والحجة في علل القراءات السبع : ٦ / ٢٦٧ ـ ٢٦٨.
(٥) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٩٨.
(٦) سبق تخريجه.
(٧) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٣٢.
(٨) نسب هذا الرأي إلى الخليل ، النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٥٥ ، وهو رأي مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٣٣ ، وعلل إضمار (أن) بقوله : (ليكون مع الفعل مصدرا فتعطف مصدرا على مصدر).
(٩) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٣٢.
(١٠) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٣٥٥ ، ومشكل إعراب القرآن : ١ / ١٣٣.
(١١) وضح هذا مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٣٣ ـ ١٣٤.
(١٢) مثل : الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٢٣ ، وابن السراج في الأصول : ٢ / ١٧٩ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٥٤.