وله ستمائة جناح (١) ، وقال ابن عباس : رأى ربه بقلبه (٢) ، وروي مثل ذلك عن النبي صلىاللهعليهوسلم (٣).
وأجمع العلماء ، على أن النبي صلىاللهعليهوسلم عرج به ، إلا أنّه روي (٤) عن الحسن أنه قال : عرج بروحه ، يذهب إلى أنها رؤية النوم ، وهذا القول مرغوب عنه ؛ لأنه لا فضيلة له في ذلك ؛ لأن الإنسان يرى في منامه مثل ذلك ولا تكون معجزة.
قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) [النجم : ١٩ ـ ٢٠].
(اللَّاتَ وَالْعُزَّى) : صنمان ، واشتقاق (اللَّاتَ) من لويت إذا تحبّست ووقفت ، يقال : لويت عليه ، وما لويت عليه ، ومما يدل على ذلك قوله تعالى : (فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ) [الأعراف : ١٣٨] ، والعكوف واللّيّ سواء ؛ وذلك أنهم كانوا يلزمونها بالعبادة ، ويعكفون عليها ولا يلوون على سواها (٥) والأصل (٦) فيها : لوية ، فحذفت الياء كما حذفت من (يد) و (دم) طلبا للاستخفاف ، ثم فتحت (الواو) لوقوع علامة التأنيث بعدها ، ثم قلبت (ألفا) لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فقيل : لات ، والألف واللام في (اللّات) زائدتان وليستا للتعريف ، وكذلك في (الْعُزَّى ؛) لأن هذه الأصنام معارف عندهم كالأعلام نحو : زيد وعمرو ، يدل على ذلك قوله تعالى : (لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) [نوح : ٢٣] ألا ترى كلها بغير ألف ولام ، وكذلك قول الشاعر (٧) :
أما ودماء ما تزال كأنّها |
|
على قنّة العزّى وبالنّسر عند ما |
الألف واللّام في (النّسر) زائدتان ، هذا قول الأخفش (٨) ، وتابعه عليه أبو علي
__________________
(١) جامع البيان : ٢٧ / ٦٥.
(٢) أحكام القرآن : ٣ / ٥٥٠.
(٣) ينظر سنن الترمذي : ١١ / ١٨٨ ـ ١٩٠.
(٤) الجامع لأحكام القرآن : ١٠ / ٢٠٨.
(٥) ينظر النكت والعيون : ٥ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(٦) هو : عمرو بن عبد الجن التنوخي ، كما في خزانة الأدب : ٣ / ٢٤٠ ، وهو من شواهد ابن جني في سر صناعة الإعراب : ٣ / ٢٤٠ ، وابن الشجري في أماليه : ١ / ٢٣٥.
(٧) هو : عمرو بن عبد الجن التنوخي ، كما في خزانة الأدب : ٣ / ٢٤٠ ، وهو من شواهد ابن جني في سر صناعة الإعراب : ١ / ٣٦٠ ، وابن الشجري في أماليه : ١ / ٢٣٥.
(٨) نسب هذا القول إلى الأخفش ابن الشجري في أماليه : ١ / ٢٣٤.