قال الربيع : فاستوى جبريل عليهالسلام وهو بالأفق الأعلى ، ف : (هو) على هذا كناية عن جبريل عليهالسلام ، وهذا هو القول الأول ، و (هو) كناية عن محمد عليهالسلام في القول الثاني (١).
قال القتبي : الكلام على التقديم والتأخير في قوله : (ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى) [النجم : ٨] ، والمعنى : ثم تدلى فدنا (٢) ، وهذا لا يجوز (٣) في (الفاء) ؛ لأنها مرتبة ، وليست كالواو ، ولا يحتاج هاهنا إلى هذا التقدير ؛ لأن المعنى بين ، والتقدير : ثم دنا وامتد في دنوّه.
قوله تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى (١١) أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى (١٢) وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) [النجم : ١١ ـ ١٥].
الفؤاد هاهنا : القلب (٤) ، والمراء : الجدال بالباطل (٥) ، والسّدرة [٩٤ / ظ] : واحدة السّدر ، وهو شجر النبق (٦) ، وقيل : سدرة المنتهى في السماء السادسة إليها ينتهي من يعرج إلى السماء ، هذا قول ابن مسعود والضحّاك (٧) ، وقال غيرهما :
إليها تنتهي أرواح الشهداء (٨)
وجنة المأوى : جنة الخلد ، قيل هي في السماء السابعة ، وقال الحسن : جنة المأوى : هي التي يصير إليها أهل الجنة (٩).
قال إبراهيم في قوله : (أَفَتُمارُونَهُ) أي : أفتجحدونه. وقال غيره : المعنى :
أفتجادلونه (١٠) ، وجاء في التفسير (١١) ، عن عبد الله بن مسعود وعائشة ومجاهد والربيع : أن النبي صلىاللهعليهوسلم رأى جبريل في صورته التي خلقه الله تعالى عليها مرتين ، قال ابن مسعود : رآه
__________________
(١) ينظر معاني القرآن : ٣ / ٩٥ ، وجامع البيان : ٢٧ / ٥٧.
(٢) جوز ذلك الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٩٥.
(٣) حكم عليه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٢٦٣ بأنه (غلط بيّن). وينظر الخصائص : ٢ / ٣٨٧.
(٤) الصحاح : ١ / ٢٠٤ (قلب).
(٥) ينظر الفروق اللغوية : ١٥٩.
(٦) الصحاح : ٢ / ٦٨٠ (سدر).
(٧) جامع البيان : ٢٧ / ٦٩ ، وينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٦٧.
(٨) وضح أسباب تسميتها ب : (سدرة المنتهى) الماوردي في النكت والعيون : ٥ / ٣٩٥.
(٩) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٥٩ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٦٧.
(١٠) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ٩٦ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٩٥ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٦٥.
(١١) ينظر معالم التنزيل : ٧ / ٤٠٤.