ومن سورة النّجم
قوله تعالى : (وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) [النجم : ١ ـ ٣].
النجم هاهنا فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنه الثريا إذا سقطت مع الفجر ، وهذا قول مجاهد (١).
والثاني : أن النجم هاهنا أحد نجوم القرآن ، وهو أيضا عن مجاهد ، كأنه قال : والنجم إذا نزل ، أي ؛ والقرآن إذا نزل ، فهو قسم به (٢).
والقول الثالث : أن النجم واحد ويراد به الجماعة ، أي : والنجوم إذا سقطت يوم القيامة (٣) ، كقوله تعالى : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) وهذا قول الحسن ، والنجم في كلام العرب يأتي ويراد به الجمع على طريق الجنس (٤) قال الراعي (٥) :
وباتت تعدّ النّجم في مستحيرة |
|
سريع بأيدي الآكلين جمودها |
والمستحيرة هاهنا : شحمة مذابة صافية ؛ لأنها من شحم سمين (٦).
و (غَوى) من الغي ، يقال : غوى يغوي غيا (٧) ، قال الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمره |
|
ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما (٨) |
و (الْهَوى) : ميل الطباع إلى ما فيه الاستمتاع ، وهو مقصور ، وجمعه : أهواء ، فأما (الهواء) الممدود ؛ فكل منخرق (٩) ، قال الله تعالى : (وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ) [إبراهيم : ٤٣] ، أي : خاوية منخرقة لا تعي شيئا ، قال زهير (١٠) :
__________________
(١) تفسير مجاهد : ٢ / ٦٢٧.
(٢) ينظر تفسير مجاهد : ٢ / ٦٥١ ، ومعاني القرآن للفراء : ٣ / ٩٤.
(٣) قال بهذا أبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٣٥ ، ونسبه البغوي في معالم التنزيل : ٧ / ٤٠٠ إلى حمزة.
(٤) ينظر جامع البيان : ٢٧ / ٥٥.
(٥) ديوانه : ١١٧ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٣٥ ، والطبري في جامع البيان : ٢٧ / ٥٦.
(٦) ينظر مجاز القرآن : ٢ / ٢٣٥ ، والقاموس المحيط : ٢ / ١٦.
(٧) اللسان : ١٥ / ١٤٠ (غوي).
(٨) البيت منسوب إلى المرمقش ، واسمه عمرو بن حرملة. ينظر اللسان : ١٥ / ١٤٠ (غوي).
(٩) ينظر المصدر السابق : ١٥ / ٣٧٠ (هوا).
(١٠) في شرح ديوانه لثعلب : ٦٣ ، والصعل : دقيق العنق. والجؤجؤة : الصدر ، ينظر العين : ١ / ٣٠٢ (صعل) ، والصحاح : ١ / ٣٩ (جأجأ).