ومن سورة الطور
قوله تعالى : (يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ) [الطور : ٢٣].
الكأس : القدح بما فيه ، ولا يسمى كأسا إذا لم يكن فيه شيء (١) ، قال الشاعر (٢) :
صددّت الكأس عنّا أمّ عمرو |
|
وكان الكأس مجراها اليمينا |
وقد تسمى الخمر نفسها كأسا ، قال علقمة :
كأس عزيز من الأعناب عتّقها |
|
لبعض أربابها حانيّة حوم (٣) |
ومعنى (يَتَنازَعُونَ) يتعاطفون كأس الخمر ، قال الأخطل (٤) : [٩٣ / و]
نازعته طيّب الرّاح الشّمول وقد |
|
صاح الدّجاج وحانت وقعة السّاري |
واللّغو واللّغا : كل ما لا خير فيه من الكلام (٥) ، قال الراجز (٦) :
عن اللّغا ورفث التّكلم
والتأثيم والإثم والآثام واحد (٧).
وقرأ ابن كثير لا لَغْو فِيها وَلا تَأْثِيم بالنصب ، وقرأ الباقون بالرفع والتنوين (٨).
فمن نصب أعمل (لا) في الموضعين (٩) ، وهي تنصب النكرة بلا تنوين ؛ لأنها مشبهة ب : (إنّ) (١٠) ، وذلك أن (إنّ) موجبة و (لا) نافية ، والعرب تحمل النقيض على النقيض ، كما لم
__________________
(١) الصحاح : ٣ / ٩٦٩ (كأس).
(٢) البيت لعمرو بن كلثوم ، ديوانه : ٢١٩ ، وهو البيت الخامس من معلقته ، وهو أيضا من شواهد سيبويه : ١ / ١١٣ ، والخليل في العين : ٧ / ١٣٧ (صبن) برواية : (صبنت الكأس) بدلا من : (صددت الكأس).
(٣) البيت من شواهد ابن منظور في اللسان : ٦ / ١٨٩ (حوم) ، وتاج العروس : ٤ / ٢٢٩. والحوم : التي تحوم في الرأس ، أي : تدور ، بسبب الخمر.
(٤) ديوانه : ١١٦ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٣٣.
(٥) ينظر الصحاح : ٦ / ٢٤٨٣ (لفا).
(٦) الرجز للعجاج ، ديوانه : ٥٩ ، أوله : (درب أسراب حجيج كظم)
(٧) ينظر الصحاح : ٥ / ١٨٥٧ (أثم)
(٨) السبعة : ٦١٢.
(٩) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٥١.
(١٠) ينظر الكتاب : ١ / ٣٤٥ ، و ٣٥١.