وقيل : المعنى : طاعة وقول معروف خير لهم من جزعهم عند نزول فرض الجهاد وهو قول الحسن (١) ، و (طاعَةٌ) على القول الأول خبر مبتدأ محذوف ، وعلى القول الثاني مبتدأ محذوف الخبر (٢).
ومن سورة الفتح
قوله تعالى : (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) [الفتح : ٢٥]
قال قتادة : لو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات بمكة (٣). قال ابن زيد : المعرة : الإثم ، وقال : ابن إسحاق : غرم الدية وكفارة قتل الخطأ عتق رقبة مؤمنة ، ومن لم يطق فصيام شهرين ، قال : وهي كفارة الخطأ في الحرب ، قال الفراء : كان بمكة مسلمون من الرجال والنساء ، فقال الله تعالى : لو لا أن تقتلوهم وأنتم لا تعرفونهم فتصيبكم منعم معرة ، يعني : الدية (٤) ، ثم قال : (لَوْ تَزَيَّلُوا) أي : لو خلص الكفار من المؤمنين لأنزل الله بهم القتل والعذاب (٥).
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما موضع قوله تعالى : (أَنْ) وفيه جوابان :
أحدهما : أن موضع (أَنْ) رفع على [٨٩ / ظ] البدل من رجال في قوله : (وَلَوْ لا رِجالٌ) والتقدير : ولو لا وطئ رجال ونساء ، أي : قتلهم ، وهو بدل الاشتمال ، ومثله : نفعني عبد الله علمه ، وأعجبتني الجارية حسنها (٦) ، ومثله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ ،) ومثل ذلك قول الأعشى (٧) :
__________________
(١) نسبه إليه الماوردي في النكت والعيون : ٥ / ٣٠١.
(٢) جوز الوجهين مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦٧٤.
(٣) تأويل مشكل القرآن : ٣٦٧.
(٤) هذه الأقوال جميعها أوردها الماوردي في النكت والعيون : ٥ / ٣٢٠.
(٥) ينظر بحر العلوم : ٣ / ٢٥٧.
(٦) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٤٨١.
(٧) ديوانه : ١٧٨ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٤٢٣ ، والمبرد في المقتضب : ١ / ٢٧ ، والزجاجي في الجمل : ٢٦.