رأيت زيدا زيدا. ومثله قول الراجز (١) :
لقائل يا نصر نصرا نصرا
هذا مذهب حذاق النحويين (٢) ، وقال الأخفش : هو عطف على عاملين (٣) ، كأنه قال :
إنّ في السموات والأرض لآيات وفي خلقكم آيات ، فعطف على (إنّ) و (في) وأنشد :
سألت الفتى المكّيّ ذا العلم ما |
|
الّذي يحلّ من التّقبيل في رمضان |
فقال لي المكّيّ أمّا لزوجة |
|
فسبع وأمّا خلّة فثماني (٤) |
فعطف (خلّة) على زوجة ، و (ثمانيا) على سبع ، وأنشد سيبويه :
أكلّ امرئ تحسبين امرا |
|
ونار توقد باللّيل نارا (*) |
فعطف (نارا) الأولى على (امرئ) الأول ، وعطف (نارا) الثانية على (امرئ) الثاني ، ومثل ذلك :
وهوّن عليك فإنّ الأمور |
|
بكف الإله مقاديرها |
فليس بآتيك منهيها |
|
ولا قاصر عنك مأمورها (٥) |
والعطف على عاملين عند البصريين لا يجوز (٦) ، لا تقول : في الدار زيد والسوق عمرو ، وأنت تريد : وفي السوق عمرو ؛ لأن حرف الجر ضعيف ، فلا يعمل بعد الفصل بالأجنبي (٧).
وأما من رفع فإنه جعل (الآيات) الثانية رفعا بالابتداء والخبر المجرور الذي (فِي خَلْقِكُمْ) [الجاثية : ٤] وجعل (الآيات) الثالثة تكريرا للثانية ، قال الفراء (٨) : العرب تقول : إنّ لي عليك مالا وعلى أخيك مال كثير ، فينصبون الثاني ويرفعونه ، وأجاز الفراء رفع
__________________
(١) هو رؤية ، ديوانه : ١٤٧ ، وهو من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٣٠٤ ، وابن جني في الخصائص : ١ / ٣٤٠ ، وصدره : (إنّي وأسطار سطرن سطرا).
(٢) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٣٢٨ ، وكشف المشكلات : ٢ / ٣٠٦.
(٣) نسب إليه هذا الرأي المبرد في المقتضب : ٤ / ١٩٥ ، والجامع النحوي في كشف المشكلات : ٢ / ٣٠٦.
(٤) سبق تخريجه.
(*) سبق تخريجه.
(٥) استشهد به سيبويه في الكتاب : ١ / ٣١ ، ونسبه إلى الأعور الشني ، وهو من شواهد المبرد في المقتضب : ٤ / ١٩٦.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ٣١ ، والمقتضب : ٤ / ١٩٥ ، والأصول : ٢ / ٧٢.
(٧) هذا رآي الجمهور ، أما الفارسي فقد جوزه في كتاب الشعر : ١ / ٤٣ ، و ٤٩ ، وأيضا مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦٥٩.
(٨) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٤٥.