ومن سورة الجاثية
[٨٨ / و] قوله تعالى : (إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) [الجاثية : ٣ ـ ٤].
يقال : ما الآيات في السّموات والأرض؟
والجواب : الدلائل ، وهي من وجوه كثيرة :
منها : أنه يدل خلقها على خالق لها ؛ لأنّه لا يكون بناء بغير بان.
ومنها : أنها أعظم الخلق.
ومنها : أنها محكمة على اتساق ونظام ، وهذا يدل على أن صانعها واحد ، وعلى أنه قديم ؛ لأنه صانع غير مصنوع.
ومنها : أنها ممسكة مع عظمها وثقل جرمها بغير عمد ... إلى أشباه ذلك (١).
ويسأل : عن الآيات في خلق الإنسان (٢)؟
والجواب : أنها من وجوه :
منها : خلق الإنسان على ما هو به من وضع كل شيء في موضعه لما يصلح له ، وذلك يقتضي أن الصانع عالم بموضع المصلحة.
ومنها : جعل الحواس الخمس على الهيئة التي تصلح لها.
ومنها : آلة مطعمه ومشربه ، ومثال ذلك ، كل هذا في تدبير محكم.
قرأ الكسائي وحمزةءايت بالكسر ، وقرأ الباقون بالرفع في الثانية والثالثة (٣) ، فمن كسر (التاء) جعل (الآيات) في موضع نصب على التكرير للتوكيد ، والعرب تؤكد بتكرير اللفظ (٤) ، نحو قولك :
__________________
(١) ينظر بحر العلوم : ٣ / ٢٢٢ ، والقرآن وإعجازه العلمي : ٩٤.
(٢) ينظر الجواهر الحسان : ٣ / ٩٦ ، وفتح القدير : ٤ / ٥١١.
(٣) ينظر السبعة : ٥٩٤ ، والمبسوط : ٤٠٣ ، والتيسير : ١٩٨.
(٤) هذا قول الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٤٥ ، وابن السراج في الأصول : ٢ / ٧٤ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦٦١.