قال أبو جعفر : الحديثان ليسا بمتناقضين ؛ لأن إن عملنا على الحديث الأول فالخلق في ستة أيام ، وليس في التنزيل أنه لا يخلق بعدها شيئا ، فيكون هذا متناقضا ، وإن عملنا على الثاني فليس في التنزيل أنه لم يخلق قبلها شيئا (١).
قال ابن عباس فيما روى عنه أبو مالك وأبو صالح : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) كان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تنفس فجعله سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع سموات في يومين الخميس والجمعة (٢).
قال غيره (٣) : قد صح أن الله تعالى خلق السّموات والأرض [٨٥ / ظ] في ستة أيام مقدار كل يوم ألف سنة من أيام الدنيا ، فكان بين ابتدائه في خلق ذلك وخلق القلم الذي أمره بكتابة ما هو كائن إلى قيام الساعة يوم وهو ألف سنة ، فصار ابتداء الخلق إلى الفراغ منه سبعة آلاف سنة.
قال ابن عباس : إقامة الخلق في الأرض سبعة أيام ، كما كان الخلق في سبعة أيام ، ومدة الدنيا سبعة آلاف سنة (٤).
قال العلماء : نظير خلق الأرض في يومين ، ثم لما فيها من تتمة أربعة أيام (٥) ، قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ثم إلى الكوفة في خمسة عشر يوما ، أي في تتمة هذا العدد ، ولا يريد أنه سار من بغداد إلى الكوفة في خمسة عشر يوما (٦) ، وقد فسرنا هذا فيما تقدم بأشبع من هذا.
قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [فصلت : ٣٧].
يسأل عن الضمير في قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَهُنَ) علام يعود ، وكيف جمع ، وإنما تقدم ذكر الشمس والقمر؟
__________________
(١) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٦ / ٢٤٧.
(٢) جامع البيان : ٢٤ / ١٢٥ ، والجامع لأحكام القرآن : ١٥ / ٣٤٣.
(٣) القول للضحاك. ينظر جامع البيان : ١٢ / ٦.
(٤) ينظر التبيان في تفسير القرآن : ١ / ٣٢٣.
(٥) معاني القرآن للنحاس : ٦ / ٢٤٦.
(٦) التبيان في تفسير القرآن : ٩ / ١١٢.