القولان غير مرضيين عند العلماء ؛ لأن (بعضا) اسم ولا يصح زيادة الأسماء ، وإنما يزاد الحرف في بعض المواضع ، و (بعض) ضد كل ، فلا يدل على ضدها ؛ لأن المعاني إن فعل ذلك بها تشكل ، قال ابن الرماني : إنما قال : (يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ) على المظاهرة بالحجاج ، أي : أنه يكفي بعضه فكيف جميعه ، وقيل : بعضه في الدنيا ، وقيل : كان يتوعدوهم بأمور مختلفة ، فخوفهم ببعض تلك الأمور (١).
ومن سورة حم السجدة (٢)
قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١]
قد تقدم في سورة البقرة أن السماء قد تقع في معنى الجمع ، وهي هاهنا كذلك ؛ لقوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ) [فصلت : ١٢] فرد الضمير على الجمع (٣).
جاء في التفسير : أنه تعالى خلقها أولا دخانا ، ثم نقلها إلى حال السماء من الكثافة والالتئام (٤).
وقوله : (ثُمَّ اسْتَوى) معناه : قصد (٥) ، وروي عن الحسن أنه قال : ثم استوى أمره ولطفه إلى السماء (٦) ، حدثنا أبو الحسن الحوفي عن أبي بكر الأذفوي حدثنا أبو جعفر أحمد ابن محمد النحاس قال : قرئ على إسحاق بن إبراهيم [٨٥ / و] عن هناد بن السري (٧) حدثنا أبو بكر بن عياش (٨) عن أبي سعيد بن المرزبان (٩) عن عكرمة عن أبي عباس قال هناد :
__________________
(١) ذكر هذه الآراء وناقشها النحاس في معاني القرآن : ٦ / ٢١٥ ـ ٢١٦.
(٢) وهي سورة فصلت.
(٣) ينظر معاني القرآن : ٣ / ١٣ ، ومجاز القرآن : ٢ / ١٩٦ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٩.
(٤) ينظر بحر العلوم : ٣ / ١٧٨.
(٥) معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٨٩.
(٦) بحر العلوم : ٣ / ١٧٨.
(٧) أبو السري التميمي الدرامي الكوفي ، مصنف كتاب (الزهد) ، يقال له : راهب الكوفة (ت ٢٤٣) ينظر في ترجمته : سير أعلام النبلاء : ١١ / ٤٦٦ ، وتهذيب التهذيب : ١١ / ٦٢.
(٨) الإمام القدوة ، شيخ الإسلام الكوفي المقرئ ، في اسمه أقوال أصحها كنيته (ت ١٩٣ ه) ينظر في ترجمته : تذكرة الحفاظ : ١ / ٢٦٦ ، وسير أعلام النبلاء : ٨ / ٤٩٥.
(٩) هو : مسروق بن المرزبان الكندي ، يكنى أبا سعيد ، روى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وغيره.