قال الفراء (١) : أجمع القراء على إسكان (صاد) إلا الحسن فإنه جرها بلا تنوين لاجتماع الساكنين شبهه بقولهم : خاز باز ، وتركته في حيص بيص ، وأنشد :
لم يلتحصني حيص بيص لحاصي (٢)
قال و (ص) في معنى : وجب والله ، نزل والله ، حق والله ، فهي جواب لقوله : (وَالْقُرْآنِ) كما يقول : نزل والله.
قال ابن عباس : هو اسم من أسماء الله تعالى (٣) ، وقال السّدي : هو من حروف المعجم ، وقال الضحاك معناه : صدق الله ، وقال قتادة : هو اسم من أسماء القرآن (٤).
واختلف في كسر (ص) فقال الفراء (٥) : هو لالتقاء الساكنين ، وقال غيره : هو أمر من المصاداة ، كأنه قال : صاد القرآن ، أي : عارضه بعملك وقابله ، وهذا قول الحسن (٦).
وقرأ بعضهم (٧) (ص) بالفتح اسما للسورة ، ولم يصرفه للتعريف والتأنيث ، ويجوز أن يكون موضع (صاد) في هذا الوجه نصبا ، كأنه قال : اتل صاد ، ولو رفع لجاز على تقدير : هذه صاد ، فأما من أسكن فيجوز أن يكون في موضع نصب على تقدير : اتل ، وعلى تقدير حذف حرف القسم في مذهب من جعلها قسما ، ويجوز أن يكون في موضع رفع على تقدير : هذه ص ، في مذهب من جعلها اسما للسورة.
(٨) الصافنات. وقرئ (٩) (إذ عرض عليه بالعشى الصافيات) أي : المتخيرة.
والجياد : جمع جواد ، وياؤها منقلبة عن واو ، وأصلها (جواد) (١٠).
__________________
(١) معاني القرآن للغراء : ٢ / ٣٩٦.
(٢) هذا عجز بيت ، وصدره : (قد كنت خراجا ولوجا صيرفا) وهو لأمية بن عائذ الهذلي ، في ديوان الهذليين : ٢ / ١٩٢ ، وهو من شواهد الجوهري في الصحاح : ٣ / ١٠٣٥ (حيص).
(٣) تفسير ابن عباس : ٤٢٥.
(٤) ينظر جامع البيان : ٢٣ / ١٤١ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٦ / ٧٤ ، وزاد المسير : ٦ / ٣١٧.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٩٦.
(٦) ينظر معاني القرآن للنحاس : ٦ / ٧٤ ، ومعاني القراءات : ٢ / ٣٢٥.
(٧) نسب مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٦٢٢ هذه القراءة إلى عيسى بن عمر.
(٨) هذا قول الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٨٧.
(٩) نسب ابن جني هذه القراءة في المحتسب : ٢ / ٨١ إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه والى الحسن ، وقال : رويت عن الأعرج.
(١٠) ينظر الإصابة : ٢ / ٦٢.