بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق ، قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن دريد الغافقي قال : سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يحدث ، قال : كان عبد المطلب نائما في الحجر ، فأتاه آت ، فقال : احفر طيبة ، قال عبد المطلب : وما طيبة؟ قال : فذهب عني ، قال عبد المطلب : فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه ، فجاءني فقال : احفر برة ، قلت : وما برة؟ قال : فذهب عني ، [٨١ / ظ] فلما كان من الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه ، فجاءني فقال : احفر المضنونة ، قلت : وما المضنونة؟ قال : فذهب عني ، فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت ، فجاءني فقال : احفر زمزم ، قلت وما زمزم؟ قال : لا ينزف أبدا ولا يندم ، وهي بين الفرث والدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل ، قال : فلما بين له شأنها ، وعرف موضعها ، وعرف أنه قد صدق ، غدا بمعوله ومعه ابنه الحارث ، وليس له يومئذ ولد غيره ، فحفر فلما بدا له الفيء كبر ، فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته ، فقاموا إليه ، فقالوا له : يا عبد المطلب ، إنها بئر أبينا إسماعيل ، وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها ، فقال : ما أنا بفاعل ، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم وأعطيته من بينكم ، قالوا له : فأنصفنا ، فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها ، قال : فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه ، قالوا كاهنة بني سعد ابن هذيم ، قال : نعم ، وكانت بأطراف الشام ، فركب عبد المطلب ومعه نفر من بني أبيه من بني عبد مناف ، وركب من كل قبيلة من قريش نفر والأرض إذ ذاك مفاوز ، فخرجوا حتى إذا كانوا ببعض تلك المفاوز بين الحجاز والشام فني ماء عبد المطلب ، فظمئوا حتى أيقنوا بالهلكة ، فاستسقوا من معهم من قبائل قريش فأبوا عليهم ، فقالوا إنا بمفاوز ، ونحن نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم ، فلما رأى عبد المطلب ذلك قال لأصحابه ما ذا ترون؟ قالوا : ما رأينا إلا تبع رأيك ، فمرنا بما شئت ، قال : فإني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الآن من القوة ، فكلما مات رجل دفنه أصحابه في حفرته ، ثم واروه حتى يكون آخركم رجلا ، فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب ، قالوا نعم ما أمرت به ، ففعلوا ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشا ، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه :
والله إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لا نبتغي لأنفسنا فرجا لعجز ، فعسى الله أن يرزقنا ماء ببعض البلاد ارتحلوا ، فارتحلوا حتى إذا فرغوا ، وقبائل قريش ينظرون إليهم ما هم فاعلون ، تقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها ، فلما انبعثت به انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبّر عبد المطلب وكبّر أصحابه ، ثم نزل فشرب وشربوا ، واستقوا حتى