شجرة الزقوم؟ قالوا : لا ، قال : عجوة يثرب ، بسمن الحجاز ، والله لنتزقمها تزقما (١).
فأنزل الله تعالى : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعامُ الْأَثِيمِ (٤٤) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ) [الدخان : ٤٣ ـ ٤٥].
فصل :
ومما يسأل عنه أن يقال : إنما يشبه الشيء بما يعرف ، ورؤوس الشياطين لا تعرف
، فكيف شبه طلع هذه الشجرة برؤوس الشياطين وهي لا تعرف؟
وعن هذا ثلاثة أجوبة :
أحدهما : أن رؤوس الشياطين ثمرة شجرة يقال لها الأستن (٢) ، وإياه عنى النابغة (٣) :
تحيد عن أستن سود أسافله |
|
مشي الإماء الغوادي تحمل الحزما |
وهذه الشجرة تشبه بني آدم ، قال الأصمعي : ويقال له (الصوم) ، وأنشد (٤) :
موكّل بشدوف الصوم يرقبه |
|
من المغارب مهضوم الحشا زرم |
يصف وعلا يظن هذا الشجر قناصين فهو يرقبه.
والجواب الثاني : أن الشيطان جنس من الحيات (٥) ، أنشد الفراء (٦) :
عنجرد تحلف حين أحلف |
|
كمثل شيطان الحماط أعرف |
وأنشد المبرد (٧) :
وفي البقل إن لم يدفع الله شرّه |
|
شياطين يعدو بعضهنّ على بعض |
والثالث : أن الله تعالى شنّع صور الشياطين عند الناس ، فاستقر في قلوبهم أنها شنعة ، فشبّه طلع هذه الشجرة بما استقرت شناعته في القلوب (٨) ، قال الراجز :
__________________
(١) ينظر أسباب نزول الآيات : ١٩٥ ، والتخويف من النار : ١٠٦ ، والدر المنثور : ٤ / ١٩١.
(٢) ذكر هذا النحاس في معاني القرآن : ٦ / ٣٤.
(٣) ديوانه : ١٠٣ ، وهو من شواهد الجوهري في الصحاح : ٥ / ٢١٣٣ (ستن).
(٤) بنسبه ابن منظور في اللسان : ١٢ / ٢٦٤ (زرم) إلى ساعدة بن جوئية ، وهو من شواهد الطبرسي في مجمع البيان : ٨ / ٣١٠.
(٥) هذا قول الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٨٧.
(٦) في معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٨٧.
(٧) في الكامل : ٢ / ٩٩٩.
(٨) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٣١ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٦ / ٣٤ ، وزاد المسير : ٦ / ٢٩٨.