الجدد : جمع (جدّة) وهي الطريقة ، وجدد : طرائق ، قال الشاعر (١) :
كأنّ سراته وجدّة ظهره |
|
كنائن يجري بينهنّ دليص |
يعني بالجدة : الخطة السوداء التي في متن الحمار ، والدّليص : البراق (٢).
والغرابيب : حجارة سود واحدها (غربيب) (٣) ، وقال (سود) والغرابيب لا تكون إلا سودا للتوكيد ، كما تقول : رأيت زيدا زيدا ، إذا أردت التوكيد (٤) ، وقيل (٥) : هو على التقديم والتأخير ، كأنه قال : وجدد سود غرابيب ؛ لأنه يقال : أسود غربيب ، وأسود حالك ، وأسود حلكوك ، وأسود حانك بمعنى واحد.
وقوله : (فَأَخْرَجْنا بِهِ) أضاف الفعل إلى نفسه ، وكان الأول بلفظ الغائب ، لقوله :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ ؛) لأن الضمير هو المظهر في المعنى فقام أحدهما مقام الآخر (٦).
ونصب (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) على الحال ، وهي حال مقدرة ؛ لأن الثمرة أول ما تخرج لا تختلف ألوانها ، وإنما تختلف عند البلاغ ، والحال على أربعة أوجه (٧) :
هذا أحدها ، وهو الحال المقدرة.
والثاني : حال مؤكدة ، نحو قوله تعالى : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً) [الأنعام : ١٥٣] ، فهذه حال مؤكدة ؛ لأن صراط الله لا يكون إلا مستقيما ، ومثله : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً) [البقرة : ٩١] لأن الحق لا يكون إلا مصدقا.
والثالث : حال منقلبة ، نحو قولك : قام زيد ضاحكا ؛ لأنه يجوز أن يقوم عابسا ، ففرقت بين المعنيين.
والرابع : حال منفية ، نحو قولك : ما لزيد غير ملتفت ولا مقبل علينا.
__________________
(١) هو امرؤ القيس في شرح ديوانه : ١٢٤ ، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٦٩ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٠٣.
(٢) ينظر الصحاح : ٢ / ٤٥٣ (جدد) ، و (٣ / ١٠٤٠ (دلص).
(٣) الصحاح : ١ / ١٩٢ (غرب).
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٢٠٣ ، وشرح اللمع لابن برهان : ١ / ٢٣٢.
(٥) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٥٤.
(٦) ينظر المقتصد في شرح الإيضاح : ٢ / ٩٠٣.
(٧) ينظر المقتضب : ٣ / ٢٦٠ ، و ٤ / ٣١٠.