أحدها : أنه معطوف على قوله : (فَضْلاً ،) والتقدير : آتينا داود منا فضلا والطير يا جبال أوّبي معه ، وهذا قول الكسائي (١).
والثاني : أنه نصب بإضمار فعل ، كأنه قال : وسخرنا له الطير ، وهو قول أبي عمرو (٢).
والثالث : أنه مفعول معه ، كأنه قال : يا جبال أوّبي معه مع الطير (٣) ، قال الشاعر :
فكونوا أنتم وبني أبيكم |
|
مكان الكليتين من الطّحال (٤) |
أي : مع بني أبيكم.
والرابع : أن يكون معطوفا على موضع الجبال (٥) ؛ لأن موضعها نصب بالنداء ، كما تقول : يا زيد والضحاك ، قال الشاعر
ألا يا زيد والضّحّاك سيرا |
|
فقد جاوزتما خمر الطّريق (٦). |
وروي أن الأعمش أو غيره قرأ وَالطَّيْر بالرفع ، وكذلك قرأ يعقوب (٧) ، وأجازه الفراء (٨) ، ورفعه من وجهين :
أحدهما : أن يكون معطوفا على لفظ (الجبال) ، كما نقول : يا زيد والضحاك ، وهو اختيار الخليل ، وأبو عمرو يختار : يا زيد والضّحاك.
والثاني : أن يكون معطوفا على المضمر في (أَوِّبِي ،) وهو قول الفراء (٩) ، وحسن العطف على المضمر المرفوع وإن لم يؤكد ؛ لأن قوله : (مَعَهُ) قام مقام التوكيد ، كما قال في
__________________
(١) نسبه إلى الكسائي النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٦٥٨.
(٢) نسبه إلى أبي عمرو أبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٤٣ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٦٥٨ ، وقد قال به الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٥٥ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١٨٤.
(٣) أشار إلى هذا الوجه الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١٨٤ ، وجوزه النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٦٥٨.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) جوز هذا الوجه الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٥٥ : وأبو عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ١٤٣ ، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١٨٤.
(٦) استشهد به الفراء في معاني القرآن : ٢ / ٣٥٥ ، والطبري في جامع البيان : ٢٢ / ٨١ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ٣ / ٥١.
(٧) ينظر المبسوط : ٣٦١.
(٨) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٥٥.
(٩) المصدر نفسه.