وأجاز الفراء (١) تنوينهما والمراد بهما مع ذلك الإضافة ، وأنشد :
كأنّ محطا في يدي حارثيّة |
|
صناع علت منّي به الجلد من عل (٢) |
وأنشد :
ونحن قتلنا الأزد أزد شنوءة |
|
فما شربوا بعد على لذة خمرا (٣) |
قال ولو نصب ونوّن كان وجها ، وكان كما قال :
فساغ لي الشّراب وكنت قبلا |
|
أكاد أغصّ بالماء المعين (٤) |
وأجاز أيضا : جئت من قبل ومن بعد بالجر والتنوين.
وهذا يجوز إذا كانتا نكرتين ، فأمّا ما أنشد من الضم والتنوين والنصب فهو من ضرورات الشعر (٥). وللبصريين فيه مذهبان :
أحدهما : أنّ يترك على ضمه وينون ويقدر أن التنوين لحقه بعد البناء وهذا مذهب الخليل (٦).
والثاني : أنّه إذا لحقه التنوين ضرورة ردّ إلى النصب ؛ لأنّه الأصل ، كما يرد ما لا ينصرف إلى أصله إذا نوّن ، ومثل ذلك (المنادى المفرد) إذا نوّن يبقى على ضمه عند الخليل ، ويردّ إلى النصب عند أبي عمرو ، قال الشاعر :
سلام الله يا مطر عليها |
|
وليس عليك يا مطر السّلام (٧) |
هذا قول الخليل وأصحابه ، وأبو عمرو ينشد :
ضربت صدرها إليّ وقالت |
|
يا عديّا لقد وقتك الأواقي (٨) |
بالنصب (٩).
__________________
(١) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٣٢١.
(٢) البيت للنمر بن قولب ، كما هو منسوب في اللسان : ٧ / ٢٧٥ (خطط).
(٣) البيت من شواهد الرضي في شرحه على الكافية : ٣ / ١٦٨ ، أزد شنوءة : إحدى القبائل العربية. ينظر الأنساب : ١ / ١٣٨.
(٤) البيت من شواهد الرضي في شرحه على الكافية : ٣ / ١٦٨ ، وفيه : (بالماء الحميم).
(٥) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ١٣٤ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٥٧٩ ـ ٥٨٠.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ٤٤.
(٧) استشهد به سيبويه في الكتاب : ١ / ٣١٣ ، وثعلب في مجالسه : ٧٤ ، وابن عقيل في شرحه على الألفية : ٢ / ٢٦٢.
(٨) استشهد به المبرد في المقتضب : ٤ / ٢١٤.
(٩) ينظر رأي الخليل في الكتاب : ١ / ٣١١ ، وأمّا رأي أبي عمرو فقد ذكره المبرد في المقتضب : ٤ / ٢١٣.