والملأ : الأشراف لأنّهم ملاء بما يراد منهم (١).
فصل :
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف قال : (وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [النمل : ٣٠] ولم تكن تلك اللغة عربية ، وقال علي بن عيسى : هو حكاية للمعنى ، وقيل : بل كان بالعربية ؛ لأنّ المكتوب إليها كانت من العرب ، وهي بلقيس بنت شراحيل ، وقيل : هي بنت الهدهاد الحميري (٢).
وممّا يسأل عنه أن يقال : لم قدّم (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) [النمل : ٣٠] على قوله : (وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ؟)
وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن قوله : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) كان عنوانا (٣).
والثاني : أنّ (الواو) لا ترتب ، فالكلام على التقديم والتأخير ، قال حسان (٤) :
بهاليل منهم جعفر وابن أمّة |
|
عليّ ومنهم أحمد المتخيّر |
والثالث : أنّ الكتاب إلى كافرة فخشي سليمان أن يكون منها مكروه في اسم الله تعالى فقدم اسمه قبله.
والقراءة (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ) بالكسر ، قال الفراء (٥) : ولو فتحت (إنّ) والتي قبلها لكان حائزا على قولك : ألقي إلى أنّه من سليمان وأنه اسم الله ، وقع التكرير على الكتاب ، فعلى هذا يكون موضعها رفعا على البدل من الكتاب ، قال : ويجوز نصبها على سقوط الجار منهما ، قال : وهي في قراءة أبي : «وأن بسم الله الرّحمن الرّحيم» ، وفي ذلك حجّة لمن فتحهما ؛ لأنّ (أن) إذا كانت مخففة مفتوحة مع الفعل ، أو ما يحكى لم تكن إلا مخففة النون.
قوله تعالى : (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١) قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) [النمل : ٣١ ـ ٣٢].
__________________
(١) المفردات في غريب القرآن : ٤٧٣.
(٢) ينظر تاريخ اليعقوبي : ١ / ١٩٦ ، وتاريخ ابن خلدون : ١ / ٥٧.
(٣) ينظر بحر العلوم : ٢ / ٤٩٥ ، والنكت والعيون : ٤ / ٢٠٦.
(٤) ديوانه : ١٠٠.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٩١.