قرأ ابن كثير فَرضْناها بالتشديد و (رَأْفَةٌ) بفتح الهمزة ، وقرأ الباقون بالتّخفيف وإسكان الهمزة (١) ، التشديد للمبالغة ، وأما فتح الهمزة وإسكانها فلغتان (٢).
قوله تعالى : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ) [النور : ٢٦].
الخبيث : نقيض الطيب (٣).
واختلف في معنى قوله : (الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ) [النور : ٢٦] : فقال ابن عباس والضحاك ومجاهد والحسن :
الخبيثات من الكلم للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلم ، والطيبات من الكلم للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من الكلم (٤).
وقال ابن زيد : الخبيثات من السيئات للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من السيئات ، والطيبات من الحسنات للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال ، للطيبات من الحسنات (٥).
وقيل : الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال ، والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء والطيبات من النساء للطيبين من الرجال ، والطيبون من الرجال للطيبات من النساء (٦).
ثم جمع ذلك في قوله : (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) [النور : ٢٦] فردّ الضمير على الطيبات والطيبين.
وقال الفراء (٧) (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ) يعني به عائشة ـ رضي الله عنها ـ وصفوان بن المعطّل ، وهو بمنزلة قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) [النساء : ١١] والأم تحجب بالأخوين ، فجاء على تقليب لفظ الجمع.
__________________
(١) ينظر السبعة : ٤٥٢ ، والمبسوط : ٣١٦ ، والتبصرة : ٦٠٨.
(٢) ينظر الحجة لأبي علي الفارسي : ٥ / ٣٠٩ ـ ٣١٠.
(٣) العين : ٤ / ٢٤٩ (خبث).
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٤٨ ، وبحر العلوم : ٢ / ٤٣٥ ، والنكت والعيون : ٤ / ٨٤ ، ومعالم التنزيل : ٦ / ٢٨.
(٥) ينظر جامع البيان : ١٨ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ، ومجمع البيان : ٧ / ٢٣٧.
(٦) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٤ / ٣٠.
(٧) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٤٩.