المبتدأ بلا خبر ، هذا قول أكثر العلماء (١).
ويجوز عندي أن تكون مبتدأة [٦٥ / و] على إضمار الخبر ، والتقدير : فيما يتلى عليكم سورة أنزلناها ، ولا يجوز أن نقدر هذا الخبر متأخرا ؛ لأنّ خبر النكرة يتقدم عليها ، نحو قولك : في الدار رجل ، وله مال ، ولا يحسن : رجل في الدار ، ومال له ؛ وإنّما قبح ذلك لقلّة الفائدة (٢).
وقرأ عيسى بن عمر (سُورَةٌ أَنْزَلْناها) على إضمار فعل يفسره (أَنْزَلْناها ،) والتّقدير :
أنزلنا سورة أنزلناها ، إلّا أن هذا الفعل لا يظهر ؛ لأن الظاهر يكفي منه (٣).
وقوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) [النور : ٢] مبتدأ ، والخبر محذوف ، والتقدير : فيما يتلى عليكم الزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما ، هذا قول سيبويه (٤) ، وتلخيصه : أن المعنى : فيما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني فاجلدوا ؛ وإنما احتيج إلى هذا التقدير ؛ لأنّ المتلو إنّما هو حكمهما لا أنفسهما (٥).
والفاء دخلت في قوله : (فَاجْلِدُوا) جوابا لما في الكلام من الإبهام ؛ إذ لا يقصد بها زانية بعينها ولا زان بعينه ولذلك رفعا.
ويجوز النصب على وجهين :
أحدهما : إضمار فعل يدل عليه (فَاجْلِدُوا)(٦).
والثاني : أن يكون منصوبا ب : (اجلدوا) على تقدير زيادة الفاء ، كما تقول : زيدا فاضرب (٧).
__________________
(١) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٤٣ ، ومجاز القرآن : ٢ / ٦٣ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٤٣١ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٥٠٧.
(٢) المقتضب : ٤ / ١٢٧.
(٣) هذا توجيه ابن جني في المحتسب : ٢ / ٩٩ لهذه القراءة ، وقد نسبها إلى أم الدرداء وعيسى الثقفي وعيسى الهمداني.
(٤) ينظر الكتاب : ١ / ٧١ ـ ٧٢.
(٥) هذا رأي النحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٤٣٣.
(٦) هذا رأي الزجاج في معانيه : ٤ / ٢٨.
(٧) هذا قول سيبويه في الكتاب : ١ / ٧٢.