تنبت وفيها الدّهن ، أي : تنبت دهنه ، ومثله ، خرج بثيابه ، والمعنى : خرج لابسا ثيابه ، وهو في الكلام كثير.
قوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) [المؤمنون : ٣٦].
معنى هيهات : بعد ، والتقدير : بعدا لما توعدون (١) ، وهو صوت مثل : صه ومه (٢) ، وهذه الأصوات إنّما تأتي في الأغلب في الأمر والنهي ، إلّا أنّ هذا جاء في الخبر ، ونظيره (شتان ما هما) أي : بعد بعضهما من بعض جدا.
وهذه الأصوات كلها مبنية لإيغالها في شبه الأفعال ، وإنّما جعلت هكذا للإفهام بها كما تفهم البهيمة بالزّجر.
قال ابن عباس : المعنى في (هيهات) بعد بعيد ، والعرب تقول : هيهات لما تبغي وهيهات منزلك ، قال جرير (٣) :
فأيهات أيهات العقيق ومن به |
|
وأيهات خلّ بالعقيق نواصله |
ويقال هيهات وأيهات ، وفي (هيهات) لغات : منهم من يقول : هيهات هيهات على أنّه واحد ، واختلف في الوقف عليها ، فاختار الكسائي الوقف بالهاء ؛ لأنّ التاء زائدة (٤) ، واختار الفراء الوقف بالتاء (٥) ، لأنّ قبلها ساكنا فصارت كتاء (بنت) و (أخت).
والثاني : أنّ من العرب [٣٦ / ظ] من يقول : هيهات هيهات بالضم.
والثالث : أنّ منهم من يقول : هيهات هيهات بالكسر.
والوقف على هذين الوجهين بالتاء ؛ لأنّها بمنزلة التاء في مسلمات ، وهي (تاء) جمع ، وليس (هيهات) على هذه اللغة واحدا.
ومن العرب من ينوّن فيقول : هيهاتا ، وهيهات ، وهيهات ، وكذلك قال الزجاج وغيره.
والفرق بين التنوين وحذفه : أنّ من نوّن جعل هذه الأسماء نكرة ، ومن لم ينوّن جعلها
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ١٨ / ٢٧ ، وبحر العلوم : ٢ / ٤١٣ ، والصاحبي : ٢٨١.
(٢) ينظر الكتاب : ٢ / ٥٣.
(٣) ديوانه : ٤٧٩ ، وهو من شواهد الفارسي في البغداديات : ٥٢١ ، وابن جني في الخصائص : ٣ / ٤٢.
(٤) وهو أيضا رأي الخليل وسيبويه في الكتاب : ٢ / ٤٧.
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ٢٣٥.