ابن مريم عليهالسلام ، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ، ورأوا أنه قد احتج وخاصم ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال عليهالسلام (من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده في النّار ، إنّما يعبدون الشياطين ومن أمرتهم بعبادته) (١).
فأنزل الله تعالى عليه (٢) : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ (١٠١) لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها) [الأنبياء : ١٠٢]. أي : عيسى وعزير ومن عبدوا من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله فاتخذهم من يعبدهم من أهل الضلالة أربابا من دون الله ، فنزل فيما ذكروا أنهم يعبدون الملائكة وأنها بنات الله : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء : ٢٦] إلى قوله : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) [الأنبياء : ٢٩] ، ونزل فيما ذكر من أمر عيسى عليهالسلام وأنه يعبد من دون الله ، وعجب الوليد ومن حضر من حجّة عبد الله الزبعرى وخصومته (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) [الزخرف : ٥٧] ، أي : يصدون عن أمرك ، ثم ذكر عيسى ، فقال : (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) [الزخرف : ٥٩] ، إلى آخر القصة ، قال أبو ذؤيب في الحصب (٣) :
فأطفئ ولا توقد ولا تك محصبا |
|
لنار العداة أن تطير شكاتها |
قوله تعالى : (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) [الأنبياء : ١٠٤].
الطي : نقيض النشر (٤). واختلف في السجل :
فقيل : الصحيفة تطوى على ما فيها من الكتابة ، وهو قول ابن عباس ومجاهد (٥).
وقال ابن عمرو والسّدي : السّجل ملك يكتب أعمال العباد (٦).
وروي عن ابن عباس من جهة أخرى أن السّجل كاتب كان للنبي صلىاللهعليهوسلم (٧).
__________________
(١) سيرة ابن هشام : ١ / ٢٤١ ، وجامع البيان : ١٧ / ١٢٨.
(٢) ينظر لباب النقول : ١٣٣.
(٣) ديوان الهذليين : ١ / ٧٣.
(٤) اللسان : ١٥ / ١٨ (طوي).
(٥) التبيان في تفسير القرآن : ٧ / ٢٨٣.
(٦) جامع البيان : ١٧ / ١٣١.
(٧) المصدر السابق : ١٧ / ١٣١.