ورفع (هذانِ)(١).
فوجه قراءة ابن كثير : أنّه جعل (إِنْ) مخففة من الثقيلة ، وأضمر فيها اسمها ، ورفع ما بعدها على الابتداء والخبر ، وجعل الجملة خبر (إن) ، هذا قول البصريين (٢) ، وفيه نظر ؛ لأنّ (اللام) لا تدخل على خبر المبتدأ إلا في ضرورة شعر (٣) ، نحو قوله :
أمّ الحليس لعجوز شهربه |
|
ترضى من اللّحم بعظم الرّقبه (٤) |
وقال الكوفيون : (إن) بمعنى (ما) و (اللام) بمعنى (إلّا) ، والتقدير : ما هذان إلا ساحران (٥) ، وهذا قول جيد ، إلا أن البصريين (٦) ينكرون مجيء (اللام) بمعنى (إلّا).
والقول على قراءة عاصم من طريق حفص كالقول على قراءة ابن كثير.
فأمّا تشديد النون في قراءة ابن كثير ففيها وجهان :
أحدهما : أن يكون تشديدها عوضا من ألف (هذا) التي سقطت من أجل حرف التثنية (٧).
والثاني : أن يكون للفرق بين النون التي تدخل على المبهم والتي تدخل على التّمكين ، وذلك أن هذه النّون إنّما هي وجدت مشددة مع المبهم (٨).
وقد قيل : إنّما شددت للفرق بين النّون التي لا تسقط في الإضافة ، والنّون التي تسقط في الإضافة. وأما قراءة أبي عمرو : فوجهها بيّن ؛ لأنّ (إِنْ) تنصب الاسم وترفع الخبر ، إلّا
__________________
(١) ينظر السبعة : ٤١٩ ، والمبسوط : ٢٩٦ ، والتبصرة : ٥٩٢ ، والعنوان : ١٢٩.
(٢) ينظر معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٢٠٨ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٣٦٢ ، والأصول : ١ / ٢٣٥ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٣٤٦ ، وشرح السيرافي : ١ / ٢٢٩ ، والمسائل المنثورة : ٧٠ ، والنكت والعيون : ٣ / ٤١١.
(٣) المجاشعي يوافق بهذا مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٦٦ ، ويخالف الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٩٥. وينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٣٤٦.
(٤) هو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٢ ، والطبري في جامع البيان : ١١ / ٢١٩ ، والصحاح : ١ / ١٥٩ (شهرب) بلا عزو.
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٨٤ ، ومجاز القرآن : ٢ / ٢٢ ، وتأويل مشكل القرآن : ٥٢ ، والحجة في علل القراءات السبع : ٢٤٣.
(٦) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٩٥ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٤٦٨.
(٧) ينظر الصاحبي : ٣٠.
(٨) ينظر معاني القرآن للأخفش : ١ / ١١٣ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٩٥.