وهذا كله على قراءة حمزة والكسائي ، فأمّا الباقون فإنهم نوّنوا (ثَلاثَ مِائَةٍ)(١).
وفي نصب (سِنِينَ) قولان :
أحدهما : أنه بدل من ثلاثمائة (٢).
والثاني : أنه تمييز (٣) ، كما تقول : عندي عشرة أرطال زيتا ، قال الربيع بن ضبع الفزاري (٤) :
إذا عاش الفتى مئتين عاما |
|
فقد ذهب المسرة والفتاء |
وزعم بعضهم : أنه على التقديم والتأخير ، تقديره : ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة وازدادوا تسع سنين (٥).
قوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [الكهف : ٣٨]
الأصل : لكن أنا هو الله ربي ، فألقيت حركة الهمزة على النّون فصار : (لكننا) فأسكنت النّون الأولى كراهة لاجتماع المثلين ، ثم أدغمت في الثّانية فصار : لكنا هو الله ربي (٦) ؛ ويجوز فيها خمسة أوجه (٧) :
أحدها : لكنّ هو الله ربي ؛ لأنّ ألف (أنا) محذوف في الوصل ، قال الشاعر :
وترمينني بالطّرف أي أنت مذنب |
|
وتقلينني لكنّ إيّاك لا أقلي (٨) |
والثاني : لكنّا هو الله ربي ، وهذان الوجهان قرئ بهما.
__________________
(١) ينظر السبعة : ٣٨٩ ، والمبسوط : ٢٧٦.
(٢) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٣٩٥.
(٣) هذا رأي المبرد في المقتضب : ٢ / ١٦٨.
(٤) ينظر ترجمة الشاعر في : المؤتلف والمختلف في أسماء الشعراء : ٢ / ١١٧ ، والبيت من شواهد سيبويه في الكتاب : ١ / ٢٩٣ ، والمبرد في المقتضب : ٢ / ١٦٩ ، وابن السراج في الأصول : ١ / ٣١٢ ، وابن منظور في اللسان : ١٥ / ١٤٥ (فتا).
(٥) ينظر جامع البيان : ١٥ / ٢٨٩.
(٦) هذا قول الفراء في معاني القرآن : ٢ / ١٤٤ ، وأبي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٤٠٣ ، والبغوي في معالم التنزيل : ٥ / ١٧٢.
(٧) وضّح الأوجه الخمسة الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، وينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٢٧٦ ، ومعاني القراءات : ٢ / ١١٠ ، والحجة في القراءات : ٥ / ١٤٥ ـ ١٤٧.
(٨) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن : ٢ / ١٤٤ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ٥ / ١٠١ ، ونسبوه إلى أبي ثروان.