والثاني : أن الحال لا يكون من نكرة في غالب الأمر.
ولكن يجوز أن يكون (تَخْرُجُ) وصفا ل (كَلِمَةً) على مذهب من رفع كلمة.
قوله تعالى :
(أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ) [٥١ / و] (وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) [الكهف : ٩]
الكهف : الغار (١) ، والرّقيم : قيل : هو لوح أو حجر أو صحيفة كتب فيه أسماء أصحاب الكهف وخبرهم حين أووا إلى الكهف ؛ لأنّه من عجائب الأمور ، وجعل في خزائن الملوك ، وقيل : جعل على باب كهفهم (٢) ، ورقيم على هذا بمعنى مرقوم ، مثل :
جريح ومجروح وصريع ومصروع ، يقال : رقمت الكتاب أرقمه ، وفي القرآن : (كِتابٌ مَرْقُومٌ) [المطففين : ٩] ، ومن هذا قيل : في الثوب رقم ، وقيل للحية : أرقم ، لما فيه من الخطوط (٣) ، وهذا الذي ذكرناه من أنه كتاب كتب فيه حديثهم قول مجاهد وسعيد بن جبير ، وفي بعض الروايات عن ابن عباس : أنّه الوادي الذي كانوا فيه ، وروي مثل ذلك عن الضحّاك ، وقيل : الرقيم الجبل الذي كانوا فيه ، وهو قول الحسن ، وقيل : الرقيم اسم كلبهم (٤) ، وجاء في التفسير عن الحسن : أنهم قوم هربوا بدينهم من قومهم إلى كهف وكان من حديثهم ما قصّه الله تعالى في كتابه (٥).
وقيل (٦) في قوله : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً ،) أن معناه : أكانوا أعجب من خلق السموات والأرض وما فيهن؟.
و (أَمْ) هاهنا بمعنى : بل أحسبت ، وفيها معنى التّعجب (٧).
__________________
(١) العين : ٣ / ٣٨٠ (كهف) ، والنكت والعيون : ٣ / ٢٨٦.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٢ / ١٣٤ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢٢٠ ، وبحر العلوم : ٢ / ٢٩٠ ، والنكت والعيون : ٣ / ٢٨٦ ، ومعالم التنزيل : ٥ / ١٤٥.
(٣) الصحاح : ٥ / ١٩٣٩ (رقم).
(٤) ينظر جامع البيان : ١٥ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩.
(٥) ينظر بحر العلوم : ٢ / ٢٩١ ، ومعالم التنزيل : ٥ / ١٤٦.
(٦) معالم التنزيل : ٥ / ١٤٤.
(٧) مجمع البيان : ٦ / ٣١٤ ، وإملاء ما منّ به الرحمن : ٢ / ٩٩ ، وفتح القدير : ٢ / ٢٧١ ، وينظر إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٢٦٦.