وقال قوم (١) : انتصب على التّمييز المنقول عن الفاعل ، على حدّ قولك : تصبّبت عرقا ، وتفقأت شحما ، قال الشاعر (٢) :
ولقد علمت إذا الرّياح تناوحت |
|
هدج الرّئال تكبّهنّ شمالا |
وهذا البيت إذا حذف منه (تكبّهنّ شمالا) بقي موزونا ، وكان من مرفل الكامل إذا حركت اللام ، فإن أسكنتها كان من المذال (٣) ، وهو على تمامه الضرب الثاني من الكامل ، ويحكى أن أوّل من نبه على هذا أبو عمرو بن العلاء (٤).
وقيل : نصب (كَلِمَةً) على الحال (٥) من المضمر في (كَبُرَتْ).
وقرأ ابن كثير كَبُرَتْ كَلِمَة بالرفع ، جعل كبرت بمعنى عظمت (٦).
وأما قوله تعالى : (تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ ،) فهو نعت لمحذوف تقديره : كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، ترفع (كلمة) المضمرة ، كما ترفع (زيد) من قولك : نعم رجلا زيد ، ورفعه من وجهين :
أحدهما : أن يكون مبتدأ وما قبله الخبر.
والثاني : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، والتفسير في الآية على هذا : هي كلمة تخرج ، ولا يجوز أن يكون (تَخْرُجُ) وصفا ل (كَلِمَةً) الظاهرة ؛ لأنّ الوصف يقرّب النكرة من المعرفة ، والتمييز والتفسير والحال لا تكون معارف البتّة (٧) ، ولا يجوز أن يكون حالا من (كَلِمَةً) المنصوبة لأمرين (٨) :
أحدهما : أن الحال يقوم مقام الوصف.
__________________
(١) منهم الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ٢١٩ ، والنحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٢٦٥ ، والبغوي في معالم التنزيل : ٥ / ١٤٤.
(٢) البيت للأخطل ، ديوانه : ٣٨٧ ، وهو من شواهد الأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٣٩٣ ، والطبري في جامع البيان : ١٥ / ١٥٥. الرئال : الكواكب. الصحاح : ٤ / ١٧٠٣ (رأل).
(٣) المرفل ، والمذال : من علل الزيادة ، وهذه الزيادة لا تلحق غير البحور المجزوءة ، كالتعويض عمّا حذف منها.
ينظر شرح تحفة الخليل في العروض والقافية : ١٦٤ ، وشرح الكافية في علمي العروض والقافية : ٢٠.
(٤) شرح الكافية في علمي العروض والقافية : ٢٣.
(٥) ينظر مشكل إعراب القرآن : ١ / ٤٣٧.
(٦) إملاء ما منّ به الرحمن : ٢ / ٩٨.
(٧) الكتاب : ١ / ٢٠ ، ومجمع البيان : ٦ / ٣٠٨.
(٨) مجمع البيان : ٦ / ٣٠٩.