وذهب آخرون : إلى أنّه ردّ على واحد الأنعام (١) ، وأنشد :
............... |
|
وطاب ألبان اللّقاح فبرد (٢) |
ردّه إلى اللّبن.
وقيل : الأنعام ، والنّعم سواء ، فحمل على المعنى (٣) ، وأنشدوا للأعشى (٤) :
فإن تعهديني ولي لمّة |
|
فإنّ الحوادث أودى بها |
حمله على الحدثان.
وقيل : المعنى نسقيكم ممّا في بطون الذّكور (٥).
وقيل : (من) تدل على التبعيض ، فكأنه قال : نسقيكم من بطون بعض الأنعام ؛ لأنه ليس لجميعها لبن (٦).
وقال إسماعيل القاضي (٧) : ردّ إلى الفحل ، واستدل بذلك على أن الّلبن للرجل في الأصل.
قوله تعالى : (وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) [النحل : ٦٧].
السّكر : ما يسكر ، والرّزق الحسن : الخلّ ، وقال ابن عبّاس وسعيد بن جبير والشّعبي وإبراهيم وعبد الرحمن بن زيد والحسن ومجاهد وقتادة : السّكر : ما حرّم من الشّراب ، والرّزق الحسن : ما أحلّ منه ، وقيل : هو ما حلا طعمه من شراب أو غيره ، وهو من قول الشّعبي. (٨)
__________________
(١) منهم سيبويه في الكتاب : ٢ / ١٧.
(٢) قبله : (بال سهيل في الفصيخ ففسد). وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن : ٢ / ١٠٨ ، والطبري في جامع البيان : ١٤ / ١٧٣ بلا عزو.
(٣) هذا رأي الفراء في معاني القرآن : ٢ / ١٠٨ ـ ١٠٩.
(٤) ديوانه : ٢٨ ، وهو من شواهد مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ٤٢٢.
(٥) مجمع البيان : ٦ / ١٧٤ ، وإملاء ما منّ به الرحمن : ٢ / ٨٣. وفي الأصل : (المذكور) بدلا من : (الذكور) وهو تحريف. وما أثبتناه من المصادر المذكورة.
(٦) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٦٢.
(٧) هو إسماعيل بن إسحاق القاضي الأزدي البغدادي ، أبو إسحاق. (ت ٢٨٢ ه) ينظر تذكرة الحفاظ : ٢ / ٦٣٥ ، وشذرات الذهب : ٢ / ١٧٨. وينظر هذه الآراء مفصلة عند مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ٤٢١ ـ ٤٢٣.
(٨) جامع البيان : ١٤ / ١٨١ ، وزاد المسير : ٤ / ٣٣٨ ـ ٣٣٩.