أي : أفرق (١) ، قال أبو ذؤيب (٢)
وكأنّهنّ ربابة وكأنّه يسر |
|
يفيض على القداح ويصدع |
وممّا يسأل عنه أن يقال : ما (ما) هاهنا؟
والجواب : أنّها تحتمل أن تكون مصدرية ، فيكون التّقدير : فاصدع بالأمر (٣) ، وتحتمل أن تكون بمعنى (الّذي) فهذا الوجه محتاج إلى عمل ، وذلك أن الأصل : فاصدع بما تؤمر بالصّدع به فحذفت الباء اجتمعت الإضافة والألف واللام ، وهما لا يجتمعان ، فحذفت الألف واللام فصار : فاصدع بما تؤمر بصدعه ، ثم حذفت المضاف وأقمت المضاف إليه مقامه ، على حد (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، فصار : اصدع بما تؤمر به ، ثم حذفت الباء على حدّ حذفها من قول الشاعر :
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به |
|
فقد تركتك ذا مال وذا نسب (٤) |
فصار : فاصدع بما تؤمره ، ثم حذفت الهاء لطول الاسم بالصّلة على حد قولك : ما أكلت الخبز ، أي : الّذي أكلته الخبز ، فبقي (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)(٥). [٤٧ / و]
ومن سورة النّحل
قوله تعالى : (أَتى أَمْرُ اللهِ) [النحل : ١]
قال الحسن وابن جريج ؛ عقابه لمن أقام على الكفر (٦).
وقال الضّحاك : فرائضه وأحكامه (٧).
__________________
(١) مجاز القرآن : ١ / ٣٥٥.
(٢) ديوان الهذليين : ١ / ١١٤ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٥٥ ، والطبري في جامع البيان : ١٤ / ٩١ ، والجوهري في الصحاح : ٢ / ٢٥٨ (يسر).
(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٩٣ ـ ٩٤ ، ومعاني القرآن للأخفش : ١ / ٤٠ ، والأزهية : ٨٤.
(٤) هذا البيت ورد في شعر شاعرين أحدهما أعشى طرود ، ولم يعرف من اسمه إلا هذا ، والآخر مختلف في اسمه ، وكلا الشاعرين يذكر نصيحة تلقاها الشاعر من أبيه أو غيره ، والبيت بروايتيه في خزانة الأدب ١ / ٩٥ : رقم الشاهد : ٥٢. وهو من شواهد الطبري في جامع البيان : ٩ / ١٠٢ ، والنّحاس في معاني القرآن : ١ / ٣٧٠ ، وابن الجوزي في زاد المسير : ١ / ٣٨٠.
(٥) ينظر المسألة في : الأصول : ٢ / ٣٤٠ ـ ٣٤١ ، والمقتصد : ١ / ٦١٨.
(٦) الجامع لأحكام القرآن : ١٠ / ٦٥.
(٧) جامع البيان ك ١٤ / ١٠١.