قوله تعالى : (قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (٧١) لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الحجر : ٧١ ـ ٧٢].
قال ابن عبّاس : لعمرك ، أي : وحياتك.
قال لي بعض شيوخنا : أقسم الله تعالى بحياة نبيّه إجلالا له ومحبّة (١).
والسّكرة هاهنا : الجهل (٢).
والعمه : التّحيّر (٣) ، قال رؤبة (٤) :
ومهمه أطرافه في مهمه |
|
أعمى الهدى بالجاهلين العمّه |
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف قال : (هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) [الحجر : ٧١]؟
وعنه جوابان :
أحدهما : أنّه أراد هؤلاء بناتي فتزوجوهنّ إن كنتم فاعلين ، وهذا قول الحسن وقتادة ، وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) كناية عن طلب الجماع (٥).
والثاني : أنّه أراد نساءهم ؛ لأنّهم أمّته ونساؤهم في الحكم كبناته ، وهو قول الزّجاج (٦).
ويعترض في الجواب الأول : كيف يجوز أن يتزوج الكافر بالمؤمنة؟
والجواب : أنّه كان ذلك في شريعتهم جائزا ، وقد كان في أوّل الإسلام ، وهو قول الحسن.
وقيل : قال ذلك لرؤساء الكفار ؛ لأنّهم يكفّون أتباعهم (٧).
قوله تعالى : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [الحجر : ٧٤].
يسأل عن سجّيل؟.
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ١٤ / ٥٨ ، ومعاني القرآن للنحاس : ٤ / ٣٤ ، وزاد المسير : ٤ / ٢٩٨.
(٢) بهذا المعنى فسرها النّحاس في إعراب القرآن : ٢ / ٢٠١.
(٣) الصحاح : ٦ / ٢٢٤٢ (عمه).
(٤) ديوانه : ٧٣ ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ١ / ٣٥٣ ، والطبري في جامع البيان : ١ / ١٩٧ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٣ / ١٥٥.
(٥) جامع البيان : ١٤ / ٥٨.
(٦) معاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٥٠.
(٧) معاني القرآن للنحاس : ٣ / ٣٦٨ ، وينظر المحرر الوجيز : ٣ / ٣٦٩.