قوله تعالى : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ) [الحجر : ٢].
يقال (ربّ) بالتّشديد ، و (رب) بالتخفيف ، قال أبو كبير (١) :
أزهير إن يشب القذال فإنّني |
|
رب هيضل مرس لففت بهيضل |
[٤٦ / و] زعم بعضهم أنّها لغة ، وليست بلغة عندنا ، وإنّما اضطر الشّاعر فخفّفها ، والدّليل على ذلك : أنّ كلّ ما كان من الحروف على حرفين فإنّه ساكن الثّاني نحو : هل ومن وقد وما أشبه ذلك ، ويقال : ربّما وربما وربّتما وربتما ، و (التّاء) لتأنيث الكلمة ، و (ما) كافّة وهي تبع للتّخفيف عوض من التّضعيف ، وحكى أبو حاتم هذه الوجوه كلّها بفتح الرّاء لغة (٢).
فصل :
وممّا يسأل عنه هاهنا أن يقال : لم جاز (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وربّ للتّعليل؟
وعن هذا جوابان :
أحدهما : لأنّه أبلغ في التّهديد ، كما تقول : ربّما ندمت على هذا ، وأنت تعلم أنّه يندم ندما طويلا ، أي يكفيك قليل النّدم فكيف كثيره (٣).
والثاني : أنّه يشغلهم العذاب عن تمني ذلك إلّا في أوقات قليلة (٤).
وقرأ ابن نافع وعاصم (رُبَما) بالتّخفيف ، وقرأ الباقون بالتّشديد على الأصل (٥).
وساغ التّخفيف هاهنا وإن لم يكن من الضّرورات ؛ لأنّها لمّا وصلت ب (ما) كثرت وثقلت فخففت (٦).
__________________
(١) هو أبو كبير الهذلي ، والبيت في ديوان الهذليين : ٧٩ ، وهو من شواهد الرماني في معاني الحروف : ١٠٧.
القذال : مؤخر الرأس فوق فأس القفا. العين : ٥ / ١٣٤ (قذل). الهيطل : الثعلب. اللسان : ١١ / ٧٠٠ (هطل).
(٢) ينظر قول ابن فضال هذا في تذكرة النحاة : ٥. وينظر أيضا في هذه المسألة : معاني الحروف : ١٠٧ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٤٠ ـ ١٤١ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٨٩.
(٣) معاني القرآن للفراء : ٢ / ٨٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٣ / ١٤١.
(٤) ينظر جامع البيان : ١٤ / ٤.
(٥) السبعة : ٣٦٦ ، وحجة القراءات : ٣٨٠ ، والكشف : ٢ / ٢٩.
(٦) الحجة في علل القراءات السبع : ٢٠٤.